لقاح أُنتج لإنقاذ البشرية من جائحة كورونا عام 2020، أودى بشركة الأدوية أسترازينيكا إلى أبواب المحكمة العليا في المملكة المتحدة لتواجه اليوم 51 قضية، يسعى من خلالها الضحايا وأقاربهم للحصول على تعويضات تصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (125.42 مليون دولار).

من المعتاد أن نرى خبراً بهذه الأهمية يعصف بسمعة شركة عملاقة مثل أسترازينيكا، مهدداً سمعتها ومزلزلاً لقيمة سهمها، خصوصاً بعد أن كشفت وثائق قانونية اعتراف الشركة بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا يمكن أن يسبب آثاراً جانبية نادرة، في حادثة تعتبر الأولى من نوعها منذ بداية الحرب القضائية التي شُنت عليها عام 2023.

وكانت شركة أسترازينيكا قد قالت لـCNN الاقتصادية إنه «من خلال مجموعة الأدلة في التجارب السريرية وبيانات العالم الحقيقي، ثبت باستمرار أن لقاح أسترازينيكا-أكسفورد يتمتع بمستوى أمان مقبول، ويصرّح المنظمون في جميع أنحاء العالم باستمرار بأن فوائد التطعيم تفوق مخاطر الآثار الجانبية المحتملة والنادرة للغاية».

الاستقرار المالي لشركة أسترازينيكا

بعد عاصفة القضايا واعتراف أسترازينيكا بالأعراض الجانبية للقاح، ارتفعت قيمة سهم أسترازينيكا اليوم الأربعاء لتتخطى القيمة اليومية للسهم 12 ألف جنيه أسترليني (نحو 15 ألف دولار)، وتبلغ قيمتها السوقية اليوم 233.54 مليار دولار مرتفعة من 131.45 مليار دولار في 2020، بحسب بيانات ريفينيتيف.

وبحسب نتائج الربع الأول من هذا العام التي أعلنتها الشركة في أبريل نيسان الماضي، ارتفع إجمالي إيرادات الشركة بنسبة 19 في المئة إلى 12.6 مليون دولار على أساس سنوي، مدعوماً في المقام الأول بنمو مبيعات منتجاتها بنسبة 18 في المئة.

كما كشفت الشركة أنها ستزيد مدفوعات أرباحها بمقدار 0.20 دولار للسهم الواحد، ليصل إجمالي الأرباح إلى 3.10 دولار للسهم الواحد.

وأكبر دليل على النمو الملحوظ التي تحققه الشركة هو تأييد أكثر من 60 في المئة من المساهمين لقرار زيادة الراتب السنوي للرئيس التنفيذي للشركة، باسكال سوريوت، ليصل إلى 18.7 مليون جنيه إسترليني (23.27 مليون دولار).

كما تعتبر أسترازينيكا من الشركات العملاقة المعدودة التي لم تعلن عن إعادة هيكلة أقسامها أو تسريح موظفيها الذين بلغ عددهم نحو 90 ألف شخص في نهاية عام 2023.

المتضرر الأكبر من الحرب القضائية

وعلى الرغم من ضآلة حجم التعويضات المطالبة بها أسترازينيكا مقارنة بقيمتها السوقية وأرباحها، ترفض الشركة قبول أي نوع من التسوية بحسب سارة مور، الشريكة في شركة المحاماة لاي داي (Leigh Day)، التي تقدّم الدعاوى القانونية.

وما قد يجهله الكثيرون هو أنه حتى ولو فاز جميع المطالبين بالدعوى الجماعية ضد أسترازينيكا، فإن الشركة العملاقة البريطانية لن تدفع جنيهاً واحداً من جيبها، إذ قامت الحكومة البريطانية في ديسمبر كانون الأول 2020 بمبلغ تعويض مقدم شركة أسترازينيكا وغيرها من صانعي لقاحات كوفيد قبل الإطلاق الشامل للقاح؛ أي بمعنى آخر، ستُدفع الفواتير القانونية والتعويضات من جيب دافع الضرائب البريطاني.

اللقاح الذي تحول من نعمة إلى نقمة للشركة، طُوِّر أول مرة في جامعة أكسفورد البريطانية، وكان دور أسترازينيكا فقط هو إتاحته على نطاق صناعي ضخم للمملكة المتحدة وبقية العالم.

وبينما لعبت أوكسفورد الدور الأكبر في تطوير اللقاح نفسه، تقبع أسترازينيكا في كرسي المتهم تحت مرأى الحكومة البريطانية التي تراقب التطور القضائي.