يبدو أن ارتفاع أسعار الطاقة ومخاوف نقص الإمدادات وحالة عدم اليقين الاقتصادي، لم تكن عوامل كافية لخفض انبعاثات الميثان في قطاع الطاقة العالمي خلال عام 2022.

وقدَّرت وكالة الطاقة الدولية -في تقريرها الصادر يوم الثلاثاء- أن قطاع الطاقة العالمي كان مسؤولاً عن نحو 135 مليون طن من انبعاثات غاز الميثان العام الماضي، مسجلاً بذلك ارتفاعاً طفيفاً مقارنةً بمستويات عام 2021، إلا أنه جاء دون المستوى القياسي المُسجل في 2019.

ويُعدُّ غاز الميثان أحد الغازات الدفيئة القوية المسؤولة عن نحو ثلث الارتفاعات في درجات الحرارة العالمية منذ الثورة الصناعية.

وارتفعت انبعاثات الميثان الناتجة عن عمليات الوقود الأحفوري إلى أكثر من 120 مليون طن في عام 2022، وهو ما يقل قليلاً عن المستوى المسجل في عام 2019.

وقال رئيس وكالة الطاقة العالمية في التقرير الصادر «لسوء الحظ، هذه ليست مشكلة جديدة، والانبعاثات لا تزال مرتفعة للغاية؛ لذا يحتاج منتجو الوقود الأحفوري إلى تكثيف جهود صانعي السياسات، ويجب على جميع الأطراف فعل بذلك بسرعة».

وعلى الرغم من ذلك، أدَّت الجهود المكثفة إلى تقليل كمية الميثان المُنبعثة لكل وحدة طاقة مُنتجة عالمياً، إذ انخفضت الانبعاثات الناتجة عن التسريبات التي اكتُشفت من قِبل الأقمار الصناعية بنسبة عشرة في المئة تقريباً خلال العام الماضي.

ويوضح برنامج تعقُّب الميثان العالمي التابع لوكالة الطاقة الدولية، أن قطاع النفط والغاز يمكن أن يخفض من انبعاثات الغازات الدفيئة باستخدام نسبة صغيرة فقط من دخله الوفير المولد خلال فترة أزمة الطاقة.

الصين تقود الانبعاثات

أسهمت عمليات الفحم في زيادة نحو 40 مليون طن من انبعاثات غاز الميثان في عام 2022، وجاء نصفها تقريباً من الصين -أكبر منتج للفحم في العالم- بحسب الوكالة.

وتتباين كثافة انبعاثات الميثان بين عمليات النفط والغاز بشكل كبير عبر الدول، فعلى الرغم من أن متوسط ​​كثافة غاز الميثان العالمية خلال إنتاج النفط والغاز قد انخفض بنحو خمس نقاط مئوية منذ عام 2019، فإن كثافة انبعاثات الإنتاج لا تزال مرتفعة للغاية.

كما أن التسريبات الضخمة هي أحد المصادر الرئيسية للانبعاثات، ولكنها ضئيلة مقارنةً بتلك الناتجة عن عمليات النفط والغاز التقليدية، إذ اكتشفت الأقمار الصناعية نحو 3 ملايين طن من الميثان المُسرب من عمليات النفط والغاز خلال عام 2022.

التزامات ولكن!

حدد عدد من شركات النفط والغاز بالفعل أهدافاً للحد من الانبعاثات أو تقليل كثافتها، وهناك العديد من المبادرات الطوعية التي تقودها الصناعة، بما في ذلك المبادئ التوجيهية المتعلقة بالميثان، ومبادرة مناخ النفط والغاز، وتحالف الصين للنفط والغاز والميثان.

ومن خلال هذه المبادرات، التزمت الشركات بالحدِّ من كثافة انبعاثاتها بمرور الوقت، ودَعت إلى تنفيذ سياسات ولوائح سليمة بشأن الميثان، وأن تكون أكثر شفافية بشأن تلك الانبعاثات.

في حين تُعد هذه المبادرات خطوة واعدة، إلا أنها لم تسهم في تحقيق أية تخفيضات يمكن إثباتها على نطاق واسع، وذلك بحسب وكالة الطاقة.

إذاً، كيف يمكن خفض الانبعاثات؟

وتُعد انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن قطاع النفط والغاز من أفضل الفرص المتاحة للعمل المناخي في المدى القصير؛ إذ إن مسارات تقليلها معروفة وفعالة من حيث التكلفة.

وتتمثل أهم التدابير الإجرائية للحد من انبعاثات الميثان الناتجة عن عمليات النفط والغاز في زيادة حملات الكشف عن التسريبات وإصلاحها، وتركيب أجهزة التحكم في الانبعاثات، واستبدال المكونات التي تسبب انبعاث غاز الميثان أثناء العمليات الإنتاجية.

وفي قطاع الفحم، يمكن خفض أكثر من نصف انبعاثات الميثان من خلال تحقيق الاستفادة القُصوى من استخدام غاز الميثان في مناجم الفحم، أو عن طريق تطبيق تقنيات الحرق أو الأكسدة.

وتختلف فعالية ودرجات تباين تدابير الحد من الانبعاثات بين الدول، وذلك اعتماداً على المصادر السائدة وتكاليف رأس المال والعمالة وأسعار الغاز الطبيعي، إلا أنه تظل معالجة الانبعاثات واحدة من أرخص الطرق وأكثرها فعالية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري على المدى القصير.

وترى وكالة الطاقة أنه يجب استثمار نحو 100 مليار دولار أميركي حتى عام 2030 لنشر جميع تدابير الحد من غاز الميثان في قطاع النفط والغاز، وهذا يمثل نحو أقل من ثلاثة في المئة من صافي الدخل المولد في صناعة النفط والغاز خلال عام 2022 فقط.

وبدعم من هذه الاستثمارات، ستسهل التقنيات الجديدة عمليات مراقبة انبعاثات الميثان وتقليلها، كما أن توافر أجهزة المراقبة المستمرة على نطاق أوسع لفحص المرافق بشكل دوري سيسمح للمشغلين باكتشاف التسريبات والاستجابة لها بسرعة أكبر.