يهدد استمرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة بإرسال موجات من الصدمات للاقتصاد والأسواق المالية؛ ما يزيد من احتمالات الركود والمخاوف بشأن الاستقرار المالي وسط أزمة مستمرة في القطاع المصرفي.

ورفع الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي إلى النطاق 5-5.25 في المئة، ليدفعه أعلى مستوى خمسة في المئة للمرة الأولى منذ عام 2007 في محاولة لخفض معدل التضخم المستعصي.

قال جوزيف بروسولاس، كبير الاقتصاديين لدى «آر إس إم يو إس» لشبكة «CNN» إن «الاستقرار المالي تابع للجهود المبذولة لاستعادة استقرار الأسعار في الوقت الحالي».

ويتوقع المستثمرون أن يتجه الفيدرالي إلى توقف مؤقت في زيادات الفائدة بعد اجتماعه الأخير، ومن شأن ذلك أن يسمح لصانعي السياسات بتقييم عواقب زيادات أسعار الفائدة، والتي تستغرق وقتاً ليظهر تأثيرها في الأسواق المالية والاقتصاد.

سوق العمل الخاسر الأكبر

بدأت عواقب ارتفاع تكاليف الاقتراض في الظهور على سوق العمل، إذ بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة 3.5 في المئة في مارس آذار، وفقاً للبيانات الصادرة يوم الثلاثاء.

بينما تراجعت فرص العمل الشاغرة في ذلك الشهر إلى أدنى مستوى لها منذ مايو أيار 2021، تزامناً مع ارتفاع عمليات تسريح العمال بنحو 250 ألفاً، لتصل إلى 1.8 مليون عملية تسريح، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر كانون الأول 2020.

وحافظت الشركات على وتيرة قوية في التوظيف حتى الآن؛ ما ساعد على استيعاب العمال المسرَّحين، بحسب ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين لدى «كيه بي إم جي».

ومع ذلك، قد تتغير هذه الأوضاع؛ لأن الشركات تجد صعوبة في الحصول على الائتمان؛ ما يدفع الشركات إلى تقليص الاستثمار والتكاليف.

وتوقَّع مجلس الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع معدل البطالة إلى 4.5 في المئة هذا العام، و4.6 في المئة العام المقبل، وترى سونك أن هذا المستوى من البطالة سيعني أن الاقتصاد في حالة ركود.

وقالت، «إنه لأمر مذهل بالنسبة لي أن الاقتصاد الأميركي كان مرناً كما ظهر، لكننا نعلم أيضاً أن تداعيات السياسة تتأخر، وأن الأسوأ لم يأت بعد».

الفائدة تعزز المخاوف من الأزمة المصرفية

في غضون ذلك، لا يزال يتعامل المستثمرون مع الارتفاع السريع في أسعار الفائدة، والذي أدى إلى عمليات بيع ضخمة في السندات والأسهم الحكومية الأميركية العام الماضي.

وتعرضت البنوك التي فشلت في الاستعداد بشكل مناسب لهذه السياسة لضربات؛ ما مهَّد الطريق لانهيار بنك «سيليكون فالي» في مارس آذار، وبنك «فيرست ريبابليك» هذا الأسبوع.

وقد يكون المزيد من الألم في الطريق، إذ يبدو قطاع العقارات التجارية ضعيفاً بشكل خاص، وهو حساس للغاية لأسعار الفائدة المرتفعة، وقد تفاقمت مشاكله بسبب وفرة المباني الفارغة في أعقاب جائحة كورونا.

يأتي ذلك، بينما يرغب البنك المركزي في إخماد الطلب على السلع والخدمات، حتى يعود معدل التضخم إلى مستوى يمكن التحكم فيه ويستقر عنده.

لكن «شيلا بي»، الرئيسة السابقة للجنة تأمين الودائع الفيدرالية، قالت لشبكة «CNN»، هذا الأسبوع، إنها قلقة بشأن هذه الاستراتيجية العدوانية التي يمكن أن تزيد من الضغط غير المبرر على النظام المصرفي والاقتصاد.

وجادلت «بي» لعدة أشهر بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى استراحة، وأضافت «التوقف المؤقت لا يعني أنك ستتخلى عن المعركة». «هذا يعني فقط أنك تأخذ قسطاً من الراحة، وتقييم ما أنجزته حتى الآن».

(جوليا هورويتز، CNN).