بعدما شهد عام 2022 أداء قياسياً من حيث الاكتتابات العامة في منطقة شرق الأوسط وشمال إفريقيا، يبدأ العام الجديد بأداء مميز أيضاً، لا سيما بطرح أدنوك للغاز الذي كان الأكبر عالمياً في 2023.

الأسواق الإماراتية

العام الجديد بدأ بالعديد من الطروحات، وكان أبرزها طرح «أدنوك للغاز» الذي أعاد زخم الطروحات الخليجية، هذا الاكتتاب هو الأكبر على مستوى العالم لعام 2023، وأول صفقة كبرى في المنطقة للعام، والأكبر في سوق أبوظبي على الإطلاق، حيث جمعت الشركة 2.5 مليار دولار من الاكتتاب، وبلغ إجمالي الطلب على أسهم الطرح 124 مليار دولار، ما يعني أنَّ تغطية الاكتتاب بلغت 50 مرة.

وفي سوق أبوظبي أيضاً، تدرس «G42» شركة الذكاء الاصطناعي طرح ست شركات تابعة لها للاكتتاب، بما في ذلك «G42 Healthcare» و«Presight.AI»، وحسب رويترز تخطط الشركة لطرح وحدتها «Presight.AI» بقيمة 495.6 مليون دولار.

ومن المتوقع أن يشهد سوق أبوظبي المالي إدراج ثماني شركات على الأقل في السنة الحالية بحسب المدير العام للشؤون الاقتصادية في دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي سامح القبيسي، وقالت المجموعة المالية «هيرميس» إن سوق أبوظبي أصبح له وجود كبير نتيجة خطط الحكومة لطرح الشركات بصورة متسارعة، وبالتالي بدأت تتغير نظرة المستثمرين بالسوق، وأتى ذلك فضلاً عن تنوع الإصدارات والطروحات التي أصبحت عامل جذب كبيراً للمستثمرين الأجانب.

وفي سوق دبي المالي، أعلنت مجموعة «الأنصاري للخدمات المالية» طرح 10% من أسهمها أي 750 مليون سهم، ليكون ذلك أول طرح عام أولي يشهده سوق دبي هذا العام.

وعند إضافة سوق أبوظبي وسوق دبي معاً، فمن المتوقع إدراج 11 شركة هذا العام بقيمة تتجاوز 2.2 مليار دولار بحسب نائب الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، محمد خليفة الحضري، خلال مشاركته في قمة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للطروحات الأولية في دبي.

سوق عُمان

وفي عُمان، طرحت شركة «أبراج لخدمات الطاقة» وهي وحدة التنقيب عن النفط والغاز التابعة لشركة الطاقة العمانية «أوكيو»، 49% من أسهمها في سوق مسقط للأوراق المالية، الشركة تلقت طلبات بنحو ملياري دولار، وجرى تغطية الطرح بأكثر من 8 مرات، ما يعكس مدى إقبال المساهمين على الاكتتاب في مرحلة بناء الأوامر بحسب مجموعة «هيرميس»، وهذا الاكتتاب هو الأول لسلطنة عُمان منذ عام 2010.

الأسواق السعودية

بدورها، تخطط السعودية لطرح 23 شركة بالسوق المالي السعودي «تداول» بحسب رئيس هيئة السوق المالية السعودية، محمد القويز خلال مؤتمر في الرياض، وأضاف القويز أن هناك أكثر من 75 طلب إدراج بانتظار الموافقة و70 تفويضاً موقعاً مع وسطاء ومستشارين ماليين في المرحلة الأولى للعملية.

وقال نايف العذل، مدير عام الإدارة العامة للإدراج في «تداول»، لـ«CNN الاقتصادية» إنه في عام 2023، ستواصل المملكة العمل على تعزيز سوقها المالية بما يتماشى مع برنامج تطوير القطاع المالي ضمن رؤية السعودية 2030، مضيفاً أن المملكة تسعى لترسيخ مكانة «تداول» كوجهة مفضلة للمصدرين والمستثمرين.

ونظراً للعام بأكمله، قال الخبير في الأسواق المالية محمد علي ياسين في حديث مع «CNN الاقتصادية»، إنه يتوقع استمرار نجاح الإصدارات الأولية خصوصاً إذا جرى تسعيرها بتقييم مناسب يترك فرصة للمستثمر المكتتب أن يحقق أرباحاً رأسمالية من ارتفاع سعر السهم بعد إدراجه، وأن تلتزم الشركة بتوزيعات مالية ذات ريع عالٍ بنسبة 6%؜ أو أكثر، كما توقعت «هيرميس» أن تواصل الإمارات والسعودية قيادة أسواق الطروحات الأولية خلال عام 2023، لا سيما بسبب الزخم التي تشهده المنطقة مدعومة من ارتفاع أسعار البترول والفوائض الموجودة والجهود الإصلاحية الاقتصادية.

أداء قياسي لصفقات الاكتتاب في 2022

سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أداء قياسياً لصفقات الاكتتاب في عام 2022 مع تسجيل 51 اكتتاباً، بزيادة 143% على أساس سنوي، كما وصلت عائدات الاكتتابات إلى 22 مليار دولار، بارتفاع نسبته 179% مقارنة بعام 2021 بحسب تقرير من «إرنست آند يونغ»، على وجه التحديد شهد الربع الرابع من عام 2022 أكبر عدد اكتتابات وصلت إلى 20 اكتتاباً بعائدات بلغت 7.3 مليار دولار، وشهد الربع الثاني من 2022 عائدات وصلت إلى 9.2 مليار دولار، وأضاف التقرير أن الاهتمام بالاكتتابات في المنطقة يأتي عكس الاتجاه العالمي، حيث تم تسجيل 1333 اكتتاباً عالمياً في عام 2022 فقط، بانخفاض نسبته 45% مقارنة بعام 2021.

وقال محمد علي ياسين لـ«CNN الاقتصادية» إن هذه الأرقام القياسية تأتي على خلفية قوة الدورة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي من حيث الناتج المحلي، وارتفاع مستويات السيولة نتيجة لارتفاع أسعار البترول، كما أضاف ياسين أن ثقة المستثمرين الاستثمارية وشهية المخاطر في أسواقهم المحلية كانت مرتفعة.

وقال العذل إن الأداء القياسي الذي شهدته السعودية على صعيد الاكتتابات العامة في 2022 كان مدفوعا بالإقبال المتزايد من قبل المستثمرين وتحسينات البنية التحتية، مضيفاً أن المملكة تشهد اهتماماً متزايداً من مصدري الأوراق المالية في المملكة وخارجها.

الاندماج والاستحواذ

قال غريغوري غارنييه، الشريك في «بين آند كومباني» لـ«CNN الاقتصادية» إنه على الرغم من وجود العديد من الفرص بسبب طفرة الاكتتابات الأولية في منطقة الشرق الأوسط، فإن هناك أيضاً زخماً على عمليات الاندماج والاستحواذ بسبب الشراكات مع صناديق الثروة السيادية، وأضاف غارنييه أن هذه العمليات ستشهد المزيد من النمو في عام 2023 نظراً لقوة اقتصاد المنطقة التي تعاكس الاقتصاد العالمي، وبحسب غارنييه تستخدم صناديق الثروة السيادية عمليات الاندماج والاستحواذ لدخول قطاعات جديدة، أو لتقوية العلاقات مع الشركاء، أو لتوسيع حضورها عالمياً، أو لدعم ومساندة شركائها المحليين.

وتوقعت «هيرميس» عودة النشاط والزخم مجدداً لعمليات الاندماج والاستحواذ في المنطقة، لا سيما في قطاع التكنولوجيا الذي قد يشهد اندماجات لخلق كيانات أكبر.