يعود البنك المركزي المصري للاجتماع مجدداً منتصف الشهر المقبل، لمناقشة أسعار الفائدة في وقت تتسارع فيه معدلات التضخم في مصر لتسجل أعلى مستوياتها في 5 سنوات.

وفي آخر اجتماع له في مارس آذار الماضي، رفع المركزي المصري سعر الفائدة نقطتين مئويتين، لتضاف إلى ثماني نقاط مئوية رفعها على مدار عام 2022، في مسعىً لاحتواء التضخم.

وبلغ معدل التضخم السنوي في المدن خلال مارس آذار 32.7 في المئة مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق عندما سجل في يوليو تموز 2017 نحو 32.9 في المئة.

رفع الفائدة أم تثبيتها؟

«على الرغم من أننا نرى ارتفاع التضخم أكثر في الفترة المتبقية من النصف الأول من هذا العام، فإننا نعتقد أن البنك المركزي سيثبت أسعار الفائدة في اجتماع مايو آيار»، حسب ما يتوقع محمد عبدالمجيد، المحلل الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «بي إن بي باريبا».

ويضيف لـ«CNN الاقتصادية» أن «المركزي المصري» سيقيم الآثار المترتبة على قراره برفع أسعار الفائدة في مارس آذار الماضي.

تتوافق هذه التوقعات مع ما تراه سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر الأسبق، وتقول إن «المركزي المصري قد يثبت أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، لأن رفع الفائدة قد يأتي بنتيجة إذا كان التضخم ناجماً عن ارتفاع الطلب، لكن في حالة مصر الأمر مختلف».

تعاني مصر حالياً موجة تضخم عاتية نتيجة تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وارتفاع أسعار السلع المستوردة من الخارج.

ويبدو أن المركزي المصري يتفق مع هذه الرؤى، إذ قبل أيامٍ أفصح محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله، خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، عن أن «ارتفاع أسعار الفائدة لا يمكن أن يفعل شيئاً يذكر لاحتواء التضخم».

ووصف عبدالله التضخم في مصر بأنه مدفوع بشكل رئيسي بقضايا الإمدادات، مشيراً إلى أن «المركزي المصري لن يتردد في فعل المزيد لكن في الوقت نفسه نحن بحاجة إلى توخي الحذر الشديد لأن سعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة».

ورغم التوقعات بأن يلجأ المركزي إلى تثبيت سعر الفائدة في اجتماعه المقبل فإنّ مذكرة بحثية لـ«إس آند بي غلوبال ماركت انتليجنس» تتوقع أن يرفع المركزي أسعار الفائدة بواقع ثلاث نقاط مئوية إضافية خلال العام الجاري.

وتضيف «الضغوط التضخمية لم تنتهِ بعد، ونتوقع أن يبلغ التضخم ذروته في أغسطس آب المقبل عند 40 في المئة، ليسجل متوسط التضخم في العام الجاري 33.2 في المئة».

ما الحل؟

تبدو الحلول أمام المركزي المصري محدودة بعض الشيء بالنظر إلى استمرار تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في السوق الموازية وفي بورصة العقود الآجلة.

وتخطى سعر الدولار مقابل الجنيه حاجز 44 جنيهاً في العقود الآجلة، بينما بلغ في السوق الموازية بين 35 و36 جنيهاً في حين يبلغ متوسط تداوله في البنوك نحو 30.9 جنيه.

سيعزز البيعُ السريع لأصول الحكومة تدفقاتِ رأس المال إلى الداخل في المدى القريب، ويخفف من قيود العملة الصعبة، ويساعد على استقرار الناتج المحلي الإجمالي، ويحسِّن المعروض من السلع المستوردة والمواد الخام، بحسب ما تقوله «إس آند بي غلوبال ماركت انتليجنس».

تتفق الدماطي مع هذا الحل، وتضيف «يجب أن يكون هذا بالتوازي مع مرونة سعر الصرف، حتى تتوفر عملة صعبة تساعد في تمرير خفض الجنيه».

وتقول «رفع الفائدة في الوقت الحالي لن يكون حلاً للتضخم إذ سيصعب الأمر على المستثمرين والمنتجين، في وقت تعاني مصر فيه من فجوة تمويلية كبيرة لا تستطيع سدها».

وفي برنامجها مع صندوق النقد الدولي، اتفقت مصر على سد جزء من الفجوة التمويلية لها عبر بيع أصول مملوكة للدولة، وكان من المتوقع أن تحصل على ملياري دولار خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو حزيران المقبل.

وأعلنت مصر أنها ستبيع حصصاً في أكثر من 30 شركة حكومية، إلّا أنها حتى الآن لم تنتهِ من بيع أي حصة من هذه الشركات، إذ توقفت المفاوضات مع أكثر من جهة خارجية بسبب خلاف على تقييم الأصل.

تنصح الدماطي الحكومة المصرية بضرورة المضي قدماً في برنامجها مع صندوق النقد حتى تخرج من عثرتها وتتمكن من احتواء التضخم.