مرّ القطاع المصرفي بأصعب أسبوع له منذ الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، إذ انهار بنك «سيليكون فالي»، وهو أحد أهم المقرضين لقطاع التكنولوجيا بعد عمليات سحب سريعة قام بها المودعون قبل تدخّل المسؤولين الأميركيين.

بعد أسبوع من انهيار «سيليكون فالي»، أُغلق بنك إقليمي أميركي ثان (بنك سيغنتشر)، ودُعم بنك ثالث، بنك «فرست ريبابليك»، خوفاً من انهياره.

وتفادى بنك «كريدي سويس» السويسري، وهو بنك ذو أهمية مالية عالمية، ضربة قوية تعد هي الأولى من نوعها منذ الأزمة الاقتصادية في عام 2008.

أصاب كل هذا الأسواقَ بالذعر، وأجّج مخاوف المؤسسات المالية الأضعف التي تكافح بدورها مع عواقب رفع الفائدة غير المقصودة.

تكلفة الإنقاذ الباهظة

خُصص مبلغ 200 مليار دولار حتى الآن كدعم مباشر من البنوك المركزية، إذ إن ضمان كل الودائع في بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر» كلف الفيدرالي الأميركي 140 مليار دولار، وبلغ حجم القرض الطارئ الذي قدمه البنك المركزي السويسري لبنك «كريدي سويس» 54 مليار دولار.

هذا بالإضافة إلى موافقة بنك الاحتياطي الفيدرالي على قروض بقيم قياسية للبنوك الأخرى هذا الأسبوع، إذ اقترضت البنوك ما يقرب من 153 مليار دولار من الاحتياطي الفيدرالي خلال الأيام الأخيرة متخطية الرقم القياسي للاقتراض خلال أزمة عام 2008، والذي وصلت قيمته إلى 112 مليار دولار.

كما سحبت البنوك أيضاً قروضاً بنحو 12 مليار دولار من برنامج الإقراض الطارئ الجديد الذي أطلقه مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بداية هذا الأسبوع، بهدف الحد من الانهيارات المصرفية.

وصل إجمالي المبلغ الذي أقرضه بنك الاحتياطي الفيدرالي للنظام المالي إلى 318 مليار دولار وهو نحو نصف ما تم تقديمه خلال الأزمة المالية العالمية.

في مذكرة للمستثمرين يوم الخميس، قال مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في «جي بي مورغان تشيس»، إن هذا المبلغ يظل مبلغاً كبيراً، وأضاف «احتياج البنوك إلى مبالغ ضخمة هو نصف الكوب الفارغ، ولكن النصف المليء هو أن النظام يعمل كما ينبغي».

هذا بالإضافة إلى الدعم الذي ساهمت به البنوك للمساندة في حل الأزمة، إذ خصص 11 مقرضاً -من بينهم «جي بي مورغان تشيس»، وبنك “أوف أميركا«، وبنك»سيتي”- دعماً نقدياً قيمته 30 مليار دولار لزيادة الثقة في بنك «فيرست ريبابليك».

ووردت أنباء بتخصيص بنك «إتش إس بي سي» ملياري دولار لأعمال بنك «سيليكون فالي» بالمملكة المتحدة، بعد أن اشتراه مقابل جنيه استرليني واحد.

هل سيستعيد المودعون أموالهم؟

أمنت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع التي تصل قيمتها إلى 250 ألف دولار، كما أمنت على الحسابات المشتركة التي تصل قيمتها إلى 500 ألف دولار.

وفي سويسرا تم تأمين مبلغ قد يصل إلى 100 ألف فرنك سويسري، أي ما يعادل 108 آلاف دولار أميركي، لكل مودع.

ومن المقرر أن يسترد عملاء البنوك المنهارة في أوروبا 100 ألف يورو، أي ما يزيد عن 105 آلاف دولار أميركي لكل مودع، وأن يسترد العملاء أصحاب الودائع المشتركة 200 ألف يورو، نحو 211 ألف دولار أميركي.

وفي المملكة المتحدة يستطيع المودعون استرداد مبلغ قد يصل إلى 85 ألف جنيه استرليني، أي ما يزيد عن 102 ألف دولار أميركي، في حال انهارت بنوكهم، ويسترد أصحاب الودائع المشتركة ضعف المبلغ.

شبح الركود في الأفق

وقالت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأميركية للجنة المالية بمجلس الشيوخ «وقوع البنوك تحت هذا الضغط سيزيد من ترددها في الإقراض» وأضافت «قد يتسبب هذا في مواجهة مخاطر اقتصادية كبيرة».

كان بنك «غولدمان ساكس» أكد، يوم الأربعاء، أن الضغط المتزايد في القطاع المصرفي يعزز احتمالات حدوث ركود في الولايات المتحدة خلال الاثني عشر شهراً القادمة لتصل إلى 35 في المئة مرتفعة من 25 في المئة قبل بداية الانهيار المصرفي.

كتب مارك طومسون وشاركته آنا كوبان (CNN)