عاد الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» تيم كوك إلى الصين بعد أعوام من آخر زيارة له، ليقدم عرضاً لدعم السوق الصينية وصناعتها خلال زيارته بكين يوم السبت، في الوقت الذي تفاقمت فيه توترات قطاع التجارة والتكنولوجيا، واحتدمت الصدامات بين الولايات المتحدة الأميركية وثاني أكبر اقتصاد في العالم.

كانت آخر زيارة لرئيس شركة «أبل» إلى الصين منذ عام 2019، لذا أعرب كوك عن سعادته للعودة إلى البلاد، التي أعادت فتح حدودها العام الجاري بعد تخليها عن تطبيق صفر كوفيد الصارم، وقال لمنتدى التنمية الصيني الذي نظمته الحكومة، «إن شركة “أبل” والصين نمتا معاً على مدى العقود الثلاثة الماضية».

كما نقلت صحيفة «تشاينا دايلي» الحكومية عن كوك قوله «إننا نملك سلسلة إمداد كبيرة في الصين، كما نملك متجر تطبيقات مزدهر».

مفارقة بارزة

لكن توقيت زيارة كوك أثار الجدل، نظراً للمعركة التكنولوجية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين والتقارير التي تفيد بأن شركة «أبل» تتطلع إلى الهند كقاعدة إنتاج بديلة محتملة.

نشر كوك، يوم الجمعة، صورة له مبتسماً مع العملاء والموظفين في متجر «أبل» في منطقة «سانليتون» للتسوق على موقع التواصل الاجتماعي «وايبو» الذي يشبه «تويتر» في الصين.

جاء هذا المنشور بعد يوم واحد فقط، من استجواب الرئيس التنفيذي لشركة «تيك توك» تشو زي تشيو، في جلسة استماع استمرت خمس ساعات أمام لجنة الكونغرس الأميركي في واشنطن، الأمر الذي لم يحسم بعد، إذ يتمسك المشرعون برأيهم حول التطبيق، ويرونه تهديداً للأمن القومي.

بدورها، سارعت وسائل الإعلام الحكومية الصينية إلى استغلال التناقض الواضح بين تجربتي الرئيسين التنفيذيين، ونقلت صحيفة «غلوبال تايمز» الحكومية عن أحد الناشطين الموثوقين على الإنترنت قوله «إن الصين تمارس بالفعل التجارة العادلة والحرة، ففي الوقت الذي كان فيه الرئيس التنفيذي لشركة (تيك توك) تحت الحصار في جلسة استماع بالولايات المتحدة، رحبت الصين بالرئيس التنفيذي لشركة (أبل) في متجرها الرئيسي».

وكانت إدارة بايدن قد طالبت مالكي «تيك توك» ببيع حصتهم في الشركة أو مواجهة حظر من الولايات المتحدة، وهي السوق الأكثر أهمية للتطبيق.

من جهتها، قالت وزارة التجارة الصينية يوم الخميس، إن البيع القسري للشركة سيفقدها ثقة المستثمرين العالميين في الولايات المتحدة.

«آيفون» بعد الجائحة

في غضون ذلك، ورد أن شركة «أبل» تعيد التفكير في مدى علاقاتها مع الصين، فسلاسل التوريد الخاصة بالشركة تعطلت بسبب القواعد الصارمة لفيروس كورونا في الصين، وكانت هناك احتجاجات عنيفة على الأجور في أكبر مصنع لتجميع «آيفون» في العالم في شركة «فوكسكون» في مقاطعة هينان الصينية.

وسط هذه المشاكل، والخلافات التجارية الأوسع بين واشنطن وبكين، ورد أن «أبل» تعتزم التوجه إلى الهند كمركز تصنيع بديل محتمل لجهاز «آيفون 14».

يقول العديد من المحللين إنه حتى لو تمكنت «أبل» من إضافة التنوع إلى قاعدة التوريد الخاصة بها، فمن المحتمل أن تستمر في الاعتماد على الصين لفترة طويلة.

قال كوك في مكالمة أرباح العام الماضي إن الهند كانت سوقاً مثيرة للاهتمام، ومحط تركيز رئيسي لشركة «أبل» التي ضاعفت من أرباحها على أساس سنوي؛ ما يشير إلى اهتمامها الكبير بتوسيع الإنتاج في الدولة الواقعة في جنوب آسيا.

في حين أن التوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، أدت إلى اقتراحات بأن أكبر اقتصادين في العالم قد ينفصلان، تظهر البيانات الأخيرة أن التجارة بينهما وصلت إلى مستويات قياسية خلال العام الماضي 2022.

فقد أوضحت بيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي، ارتفاع تجارة السلع الثنائية بين البلدين إلى نحو 690.6 مليار دولار العام الماضي، وزادت الصادرات إلى الصين بنحو 2.4 مليار دولار لتصل إلى 153.8 مليار دولار، كما ارتفعت واردات المنتجات الصينية بنحو 31.8 مليار دولار إلى 536.8 مليار دولار.

لذلك، تشير البيانات إلى أن احتمال الفصل بين واشنطن وبكين، قد يكون أكثر وضوحاً في مناقشات السياسة، بدلاً من التجارة على أرض الواقع.

كتبت- كاثلين ماغرامو وجايك كيون وجوليانا ليو وجيسي يونغ وبريان فونغ (CNN)