بعد الانكماش بنسبة 80 ألف برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2022، من المقرر أن يتسارع نمو الطلب العالمي على النفط بشكل حاد على مدار عام 2023.

توقعت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الشهري لسوق النفط عن شهر فبراير شباط الذي صدر يوم الأربعاء، أن يتزايد نمو الطلب العالمي على النفط بشكل كبير على مدار عام 2023، ليصل من 710 آلاف برميل يومياً في الربع الأول من عام 2023 إلى 2.6 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2023.

ومن المتوقع أن ينخفض متوسط النمو السنوي من 2.3 مليون برميل يومياً في عام 2022 إلى مليوني برميل يومياً، وأن يصل الطلب العالمي على النفط إلى مستوى قياسي يبلغ 102 مليون برميل في اليوم، إذ أسهمت زيادة الحركة الجوية وفتح الطلب الصيني في انتعاش الطلب.

شهد المعروض النفطي العالمي قفزة بمقدار 830 ألف برميل يومياً في فبراير شباط ليصل إلى 101.5 مليون برميل يومياً، إذ انتعشت الإمدادات من الولايات المتحدة وكندا بقوة بعد فترة عواصف الشتاء وانقطاعات أخرى.

وتوقع التقرير أن تدفع البلدان غير الأعضاء في تحالف “أوبك+” نمو الإنتاج العالمي بمقدار 1.6 مليون برميل يومياً هذا العام، وهو ما يكفي لتلبية الطلب في النصف الأول من عام 2023، في حين من المتوقع أن تتراجع عن تلبية الحاجة في النصف الثاني من العام عندما تعزز الاتجاهات الموسمية وانتعاش الصين الاتجاه نحو زيادة الطلب وصولاً إلى مستويات قياسية.

وصلت إنتاجية المصافي العالمية إلى أدنى مستوى موسمي في فبراير شباط عند 81.1 مليون برميل يومياً، وذلك عندما تزامن الانتعاش الخافت في الولايات المتحدة مع بدء الصيانة الموسمية المخطط لها في أماكن أخرى.

وعلى صعيد آخر، انخفضت صادرات النفط الروسي بمقدار 500 ألف برميل في اليوم لتصل إلى 7.5 مليون برميل يومياً في فبراير شباط مع دخول حظر الاتحاد الأوروبي على المنتجات النفطية المكررة حيّز التنفيذ، وانخفضت الشحنات إلى الاتحاد الأوروبي بمقدار 800 ألف برميل يومياً لتصل إلى 600 ألف برميل يومياً مقارنة بأكثر من 4 ملايين برميل يومياً في بداية عام 2022.

كما تراجعت الشحنات البحرية إلى الصين والهند، بينما ارتفعت الشحنات بدون وجهة بمقدار 600 ألف برميل في اليوم لتصل إلى 800 ألف برميل في اليوم، وهوت عائدات الصادرات بنحو 2.7 مليار دولار أخرى وصولاً إلى 11.6 مليار دولار، بانخفاض 42 في المئة عن العام الماضي.

زوبعة بنك «سيليكون فالي»

وانخفضت العقود الآجلة للنفط الخام بنحو دولار للبرميل شهرياً في فبراير شباط، وذلك خلال التداول محدود النطاق، إذ تلاشى التفاؤل المحيط بإعادة فتح أسواق الصين في مواجهة التوجه المتشدد للبنك المركزي، وواصل خام غرب تكساس الوسيط تراجعه في الفروق المادية وسط الزيادة المستمرة في مخزون الخام الأميركي، وانخفضت الأسعار بمقدار 3 دولارات أخرى للبرميل في مارس آذار مع تصاعد مخاوف الاقتصاد الكلي في أعقاب انهيار بنك «سيليكون فالي».

ماذا يعني ذلك؟

تجد السوق نفسها عالقة في مواجهة تيارات زيادة المعروض أمام الطلب الذي لا يزال ضعيفاً في ظل ارتفاع المخزونات إلى مستويات لم تشهدها منذ 18 شهراً.

يعكس جزء كبير من فائض الإمدادات سباق البراميل الروسية الهائلة لإعادة توجيهها إلى وجهات جديدة في ظل قوة الحظر المفروض من الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من الاضطراب المتزايد في التجارة العالمية فقد أدى ارتفاع غطاء المخزون إلى إبقاء العقود الآجلة لخام برنت في نطاق ضيق نسبياً بين 80-85 دولاراً للبرميل منذ بداية العام.

وأدى ارتفاع المخزونات العالمية بمقدار 52.9 مليون برميل في يناير كانون الثاني إلى ارتفاع المخزونات المعلومة إلى ما يقرب من 7.8 مليار برميل، وهو أعلى مستوى لها منذ سبتمبر أيلول 2021.

وتشير المؤشرات الأولية لشهر فبراير شباط إلى المزيد من المخزونات، أيضاً على الرغم من نمو الطلب الآسيوي القوي ظلت السوق في فائض لثلاثة أرباع متتالية.

وبينما ظل إنتاج النفط الروسي بالقرب من مستويات ما قبل الحرب خلال فبراير شباط، انخفضت صادرات روسيا إلى الأسواق العالمية بأكثر من 500 ألف برميل يومياً وصولاً إلى 7.5 مليون برميل يومياً، كما انخفضت الشحنات إلى الاتحاد الأوروبي بمقدار 760 ألف برميل يومياً لتصل إلى 580 ألف برميل يومياً.

وفي حين تتجه شحنات النفط الخام الروسي بشكل حصري تقريباً إلى آسيا، تظهر مجموعة أكثر تنوعاً من المشترين للمنتجات المدعومة من الاتحاد الأوروبي.

ففي فبراير شباط، تراجعت صادرات المنتجات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي وحلفائه في مجموعة السبع بنحو مليوني برميل يومياً مقابل مستويات ما قبل الحرب، وفي الوقت نفسه نمت الصادرات إلى آسيا بأقل من 300 ألف برميل في اليوم، وارتفعت الشحنات إلى إفريقيا وتركيا والشرق الأوسط بمقدار 300 ألف برميل يومياً و240 ألف برميل يومياً و175 ألف برميل يومياً على التوالي، بينما تلقت أميركا اللاتينية نفس ما كانت عليه قبل الحرب.

يبقى رؤية ما إذا كان هناك إقبال كافٍ وشهية تجاه منتجات النفط الروسية الآن بعد وضع سقف للسعر أو إن كان إنتاجها سيبدأ في الانخفاض تحت وطأة العقوبات.

من المقرر أن يرتفع الطلب العالمي بمقدار 3.2 مليون برميل يومياً بدءاً من الربع الأول من 2023 إلى الربع الرابع من 2023، ما يرفع متوسط النمو للعام إلى مليوني برميل في اليوم.. ستكون مطابقةُ هذه الزيادة تحدياً حتى لو تمكنت روسيا من الحفاظ على الإنتاج عند مستويات ما قبل الحرب.