قرع مصطفى قنديل جرس بورصة «ناسداك» في مارس آذار الماضي، معلناً إدراج شركة «سويفل» في السوق العريقة.

بلغ سعر السهم وقت الطرح نحو عشرة دولارات، لكنه هبط إلى ما دون دولار واحد في سبتمبر أيلول الماضي.

«هي المرة الأولى التي تُطرح فيها شركة من العالم العربي تخطت قيمتها المليار دولار في بورصة ناسداك. أنا متأكد أنها ليست المرة الأخيرة. آمل أن نكون مصدرَ إلهامٍ للأجيال القادمة من رواد الأعمال كما كان العديد ممن سبقونا مصدر إلهام لنا».

هكذا كانت أمنيات مصطفى قنديل، الرئيس التنفيذي وأحد مؤسسي شركة «سويفل» للنقل الجماعي التشاركي، لكن بعد دخول «ناسداك»، أتت الرياح بما لا تشتهي أسهم «سويفل»، لتشهد الشركة عاماً عاصفاً، حيث هبط سعر سهمها إلى أقل من 20 سنتاً ليخسر أكثر من 98 في المئة من قيمته، في حين انخفضت قيمتها من مليار و500 مليون دولار إلى نحو 20 مليون دولار .

مخاوف الشطب

وجّهت «ناسداك» إنذارين بالشطب من السوق إذا لم توفِّق «سويفل» أوضاعها خلال مهلة 180 يوماً، وهو إجراء تتخذه البورصات الأميركية مع أي سهم ينزلق تحت مستوى دولار واحد لثلاثين يوم عمل متصلة.

دفع إنذار «ناسداك» الشركة لإجراء عملية دمج لكل 25 سهماً في سهم واحد نهاية يناير كانون الثاني الماضي، لترتفع قيمة السهم إلى 4.14 دولار، تجنباً للشطب. ثم عاود السهم الخسارة مجدداً وفقد نحو دولار من قيمته بعد أسبوع من دمج الأسهم، ليغلق على 3.18 دولار في ختام تعاملات الأسبوع.

سبقت مشهد دخول «ناسداك» مجموعة من الإجراءات المصيرية التي تبنتها «سويفل»، إذ نقلت المقر الإداري للشركة من القاهرة إلى دبي في نهاية 2019 أي بعد عامين فقط من تأسيسها، ثم استحوذت على بعض الشركات العاملة في مجال النقل الجماعي التشاركي في إسبانيا وتركيا وأميركا الجنوبية، وتوسعت بدخول أسواق جديدة مثل باكستان وكينيا والمكسيك والأرجنتين، وأعقبت ذلك بشراكة مع «كوينز جامبت»، وهي شركة متخصصة في الاستحواذات ذات غرض خاص، وهي الخطوة التي أتاحت لسويفل دخول «ناسداك»، باعتبار «كوينز جامبت» مدرجة فيها بالفعل.

أتاح ذلك للشركة الإدراج في البورصة دون المرور بالخطوات التقليدية للاكتتاب العام الذي يحتاج إلى فترة زمنية أطول وشروط أصعب.

سويفل: خطوات متسارعة ومشكلات معقدة

خالد إسماعيل، مؤسس صندوق رأس مال مُخاطر للاستثمار في الشركات الناشئة، قال لـ«CNN الاقتصادية» إن «مشكلة سويفل تكمن اليوم في نقاط عدة؛ أولها التسرع في الإدراج في البورصة -تأسست الشركة عام 2017 وتم إدراجها في 2022، وهي فترة قصيرة جداً للإدراج الذي لم يكن ضرورياً قبل تحول الشركة إلى الربحية. بالإضافة لهذا، تم الإدراج بطريقة ملتوية وإن كانت شرعية؛ 90 في المئة من الشركات الناشئة التي أدرجت منذ عام 2021 بطريقة الاستحواذ بغرض خاص لم تنجح».

ويضيف إسماعيل أن سويفل استثمرت بشكل «توسعي مغامر في أسواق شديدة التعقيد مثل باكستان وكينيا، ونموذجها التشغيلي مكلف عكس نظام أوبر التي لا تستأجر السيارات وخدمات سائقيها لتأمين انتظام الرحلات».

اعتمد نموذج «سويفل» على استخدام سيارات السياحة المتوقفة بسبب ضعف القطاع في أعقاب حادث سقوط طائرة روسية في شبه جزيرة سيناء خريف عام 2015، وبعد عودة السياحة ترك أصحاب هذه السيارات العمل مع «سويفل» وعادوا إلى نشاطهم الأصلي، ما اضطر الشركة لاستخدام سيارات أخرى أعلى كلفة.

حاولت «CNN الاقتصادية» التواصل مع المدير المالي لشركة «سويفل»، لكنه لم يرد حتى الآن.

نموذج أعمال هش؟

هشام عبدالغفار، المحاضر في كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية بالقاهرة، كان أحد من درسوا الإدارة لقنديل في الجامعة، وقد رفض طلباً من المؤسسين للاستثمار في «سويفل» وقت تأسيسها بسبب ما قال إنه «هشاشة نموذج الأعمال»، لكنه يؤيد السياسة التوسعية التي تبنتها الشركة.

وقال: «نجحت سويفل في الحصول على مبالغ كبيرة في جولات التمويل في عامي 2020 و2021، وذلك بالرغم من لزوم المنازل بسبب جائحة كوفيد-19 والإجراءات الاحترازية التي كان من شأنها تقليص عدد الركاب. لم يكن منطقياً أن تدخر الشركة حصيلة جولاتها التمويلية أو أن تتوقف عن الدخول في جولات جديدة. المستثمرون الذين يضخون هذه الأموال في الشركات الناشئة يتابعون الشركات عن كثب، وعدم التقدم يعني السقوط.. التوسع لم يكن أمراً اختيارياً».

سرَّحت «سويفل» في الخريف الماضي نحو نصف موظفيها، وأعلنت آنذاك أن الإجراء يهدف إلى خفض مصاريف التشغيل. كما خرجت من بعض الأسواق مثل باكستان، وقلصت عدد خطوطها في كثير من الدول، مؤكدة أن هذه الإجراءات تهدف إلى تحول الشركة للربحية في 2023 بدلاً من عام 2024 كما كان مخططاً له، وأعلنت الشركة كذلك أنها تستهدف صافي ربح 400 مليون دولار في 2023.

عبدالغفار ينظر إلى مأزق «سويفل» بكثير من التفاؤل. يقول: «الشركة في وضع شديد التعقيد، لكنها ربما تستطيع العبور والاستمرار»، وتابع «فقَدَ سهم شركة أمازون أكثر من 93 في المئة من قيمته في البورصة وقت فقاعة شركات الإنترنت في نهاية التسعينات، ثم نجح بعد ذلك في التعافي وأصبح من أكثر الأسهم استقراراً اليوم».

أمّا إسماعيل فيرى أن «الخروج من «ناسداك» ليس نهاية المطاف، لكن إذا أرادت «سويفل» البقاء، فربما وجب بيع حصة حاكمة تمكن من دخول إدارة جديدة بأفكار جديدة للتغلب على كل المصاعب التي واجهتها الشركة بسبب نموذج الأعمال الذي تبنته منذ البداية».