كتبت نادين إبراهيم (CNN)

سوء الوضع الاقتصادي جعل وسائل الإعلام المحلية تطلب من المصريين تناول أقدام الدجاج.

تعاني مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، من أسوأ أزمة لعملتها المحلية، وأسوأ تضخم خلال الخمس سنوات الأخيرة، ما جعل أسعار السلع الأساسية، بما يتضمن زيوت الطبخ والبيض والدواجن، عسيرة المنال على العديد من المصريين.

وارتفعت أسعار الدواجن بنسبة 57 في المئة في عام، بعد أن قفزت إلى 2.36 دولار أميركي للكيلوجرام عام 2022، مرتفعةً من 1.01 دولار في 2021، وفقاً لوسائل إعلام رسمية، تلك الأزمة دفعت المعهد القومي للتغذية في مصر لدعوة الناس إلى تناول أرجل الدجاج.

وقابل بعض المصريين المنشور السابق بموجة غضب عارمة، إذ ينظر البعض إلى أرجل الدجاج في مصر كفضلات وليست طعاماً، إشارة لرخص سعرها مقارنة بأنواع اللحوم المختلفة، وما ترمز إليه من فقرٍ مدقع، بينما أدت استجابة البعض الآخر لتلك الدعوة لتضاعف سعر كيلوجرام الأقدام ليصل إلى ما يعادل 0.67 دولار.

من جهة أخرى، تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري إلى أن نسبة الفقر وصلت لما يقرب من 30 في المئة، بينما أعلن البنك الدولي أن 60 في المئة من الشعب المصري خلال 2019 إما فقراء أو مستضعفون.

كيف وصل الوضع في مصر لهذا السوء؟

على مدار العقد الماضي، مرت مصر بعدد من الأزمات الاقتصادية، آخرها جائحة كوفيد وحرب أوكرانيا، ما ساهم في تقليص احتياطها من النقد الأجنبي وارتفاع أسعار الوقود ونسب التضخم، الأمر الذي أجبرها على السعي للحصول على مساعدات من جهات اقتراض، مثل صندوق النقد الدولي وحلفائها من دول الخليج العربي، لكن البلاد أصبحت عالقة في دوامة من الاقتراض، والتي يصفها محللون بأنها «غير مستدامة»، وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن ديون مصر هذا العام تبلغ 85.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة لسحب المستثمرين نحو 20 مليار دولار أميركي من مصر في عام 2020.

وقال تيموثي قلدس، زميل دراسة السياسات في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن، «عشرون مليار دولار حصيلة ما اقترضته مصر من صندوق النقد الدولي منذ عام 2016، واختفى المبلغ في أسابيع (العام الماضي)».

وساهمت تلك الأحداث في أزمة العملة التي تواجهها مصر اليوم، ففقد الجنيه المصري قرابة نصف قيمته خلال العام الماضي، وسجل الأسبوع الماضي لفترة وجيزة سعر صرف وصل إلى 32 جنيهاً للدولار، وهو الأدنى في تاريخه.

يذكر أنه في أحدث خطة إنقاذ لاقتصاد البلاد تم الاتفاق عليها في ديسمبر كانون الأول، أقرض صندوق النقد الدولي 3 مليارات دولار لمصر، آملاً أن تنجح 14 مليار دولار إضافية مقدمة من حلفاء مصر الدوليين والإقليميين في حل أزمتها.

ماذا يشترط صندوق النقد الدولي على مصر هذه المرة؟

وهذا العام جاء قرض صندوق النقد الدولي مشروطاً بتنفيذ مصر لعددٍ من الإصلاحات الهيكلية، ففي هذه المرة، يضع الصندوق نفوذ الجيش المصري نصب أعينه.

إضافة لتطبيق سعر صرف مرن للعملة المحلية، ويعني تحديد قيمة الجنيه حسب تقلبات العرض والطلب من قبل السوق بدلاً من البنك المركزي، طلب صندوق النقد الدولي أيضاً من مصر تقليص دور الدولة، بما في ذلك الجيش، في الاقتصاد وإبطاء وتيرة المشاريع الوطنية لتحجيم أزمة العملة وكذلك التضخم.

وكتب يزيد صايغ، الباحث في مركز «مالكولم كير كارنيجي» للشرق الأوسط في لبنان «الأمر الاستثنائي أن الشروط تشمل الشركات العسكرية المصرية، ما يتناقض مع الانطباع الأولي الذي أُخذ عن إعلان اتفاقية القرض في أكتوبر تشرين الأول 2022، بأن صندوق النقد الدولي لم يستخدم نفوذه لإدراج الشركات العسكرية على جدول الأعمال».

كما طالب صندوق النقد الدولي جميع الشركات -بما في ذلك تلك التي يملكها الجيش- بنشر تقريرٍ سنوي «مع تفاصيل وتقديرات للإعفاءات والخصم الضريبي»، وهي معلومات غير معلنة.