ماذا لو جمعنا أكبر 10 عملات مشفرة في العالم قبل 10 سنوات من اليوم؟ جميعها، وعلى رأسها البتكوين، لن تساوي 500 دولار.

لكن ماذا لو جمعناها اليوم الأربعاء بتاريخ 22 فبراير شباط 2023؟ تخيلوا أن القيمة الإجمالية ستتجاوز 26600 دولار.

بهذه الصورة يمكن تلخيص القفزة الضخمة لسوق العملات المشفرة التي ارتفعت قيمتها السوقية من 1.3 مليار دولار في 2013، إلى 1.03 تريليون دولار اليوم الأربعاء.

ولكن ما وضع سوق العملات المشفرة اليوم؟ وما التوقعات، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، بعد الضربة الكبيرة التي منيت بها في عام 2022؟

باينانس: أولويتنا استعادة ثقة المستخدمين

يقول ريتشارد تنغ، وهو الرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منصة «باينانس» التي تدير أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم من حيث حجم التداول اليومي، «العملات المشفرة أكثر شيوعاً بين الشباب، وهم أحد العوامل التي تجعل الشرق الأوسط مركزاً مهماً للصناعة، حيث يمثل الشباب أكبر مجموعة سكانية في دول مثل الإمارات والسعودية والبحرين».

ويتوقع في تصريحات لـ«CNN الاقتصادية» أن تستمر منطقة الشرق الأوسط على مدار الأشهر الاثني عشر المقبلة في ترسيخ مكانتها مركزاً رائداً للأصول الافتراضية واعتماد التشفير، نتيجة للمبادرات الحكومية واللوائح التقدمية في دول مثل الإمارات والبحرين، اللتين تسهلان الابتكار في الصناعة وحماية المستخدمين.

يشرح تنغ أن العملات المشفرة تنطوي على إمكانيات هائلة للمستهلكين الأفراد والشركات على حد سواء، وأضاف «نرى عدداً متزايداً من الأشخاص الذين يتبنون العملات المشفرة، ليس فقط كاستثمار، ولكنهم أيضاً شرعوا في استخدامها في معاملاتهم اليومية».

وبالنسبة للشركات، فقد أوضح أنها تعمل على «تطوير حلول الدفع للعملاء لشراء السلع والخدمات بالعملات المشفرة من التجار في جميع أنحاء العالم».

ويشدد على أنه «في مثل هذه الأوقات، من المهم التركيز على حماية المستخدمين وضمان النمو المستدام للقطاع، حيث ستكون استعادة ثقة المستخدمين والمنظمين عنصراً حاسماً في أنشطة الصناعة هذا العام، إذ نتطلع إلى التعافي من آثار انهيار منصة أف تي أكس».

«العملات المشفرة ليست لعبة»

نورمان وودنغ، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي في شركة التكنولوجيا المالية «سكريبت ديجيتال» ومقرها سويسرا، أضاف على ما قاله تنغ، مشيراً في حديث لـ«CNN الاقتصادية» إلى أن العملات المشفرة «ليست مجرد لعبة للشباب».

وكشف أن منطقة الشرق الأوسط كانت «لاعباً رئيسياً في تبنّي استخدام وتداول العملات المشفرة خلال 2022، جنباً إلى جنب مع إفريقيا وأميركا اللاتينية»، معتبراً أن «دبي مهيَّأة لتكون عامل تحفيز تنافسياً لتبني وابتكار منتجات التشفير ومقدمي الخدمات».

وأوضح وودنغ أن العملات الأكثر تداولاً على منصة «سكريبت ديجيتال» في منطقة الشرق الأوسط، هي البتكوين، ثمّ الإيثيريوم.

كما لفت جاي ميلا، أحد المديرين في منصة «لايت كوين» العالمية، متحدثاً لـ«CNN الاقتصادية»، إلى أن مدفوعات «لايت كوين» أكثر بروزاً في أميركا الشمالية، لكن نمواً «مثيراً للإعجاب» تشهده جميع أنحاء العالم وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، دون أن يورد بيانات محددة.

وتوقع أن يستمر تبني العملات المشفرة في النمو في 2023، لا سيما في المدن، مضيفاً «الشرق الأوسط دائماً ما يتكيف»، متوقعاً «نمواً مستمراً في استخدامات العملات المشفرة و(لايت كوين) على وجه الخصوص».

كما أشار إلى أن بعض دول الشرق الأوسط «تستكشف الاستخدام المحتمل للعملات المشفرة للمدفوعات والتحويلات عبر الحدود، والتي يمكن أن توفر بديلاً أرخص وأكثر كفاءة للقنوات المصرفية التقليدية».

الإمارات مركزاً أساسياً للعملات المشفرة

بشكل عام، كانت بيئة الاقتصاد الكلي حتى وقت قريب قاتمة، حسب ما أشار وودنغ، موضحاً أن انتشار جائحة كورونا وتفاقم أزمة التضخم بفعل الحرب الروسية- الأوكرانية، بالإضافة إلى الانخفاض المصاحب في ثقة المستهلك والمستثمر، كلها عوامل شكّلت ضغطاً كبيراً على الأسواق، وأفقدت العملات المشفرة العام الماضي نحو تريليوني دولار من قيمتها السوقية، فضلاً عن موجات الإفلاس التي ضربت منصات عدة مثل «سيلزيس» و«أف تي أكس» و«آي سي 3».

لكن في المقابل «رأينا الشرق الأوسط، والإمارات على وجه الخصوص، على مدار العام الماضي، مركزاً لشركات التكنولوجيا المالية ومنصات تداول العملات المشفرة، بعد عام من القوانين الجديدة والبنية التحتية المتطورة والحوافز والنظام البيئي المتنامي»، وفق وودنغ الذي أشار إلى أن قائمة عملائه ضمت فئات مختلفة مثل مديري الأصول، والبنوك، والشركات، وكذلك صناديق التحوط.

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، لا يزال اللاعبون الرئيسيون متفائلين بشأن مستقبل العملات المشفرة؛ فوودنغ يؤمن -على سبيل المثال- بالعملات المشفرة «كفئة أصول محورية في مجموعة الأدوات الاقتصادية الحديثة».

شركات كبرى تتبنى العملات المشفرة

وكانت بعض الدول اعتمدت العملات المشفرة -خصوصاً البتكوين- كعملة دفع، بحيث لم تعد تقتصر هذه الوسيلة على السلع باهظة الثمن أو شركات الخدمات المالية وحدها.

فبينما أتاحت شركة السيارات الكهربائية «تسلا» عام 2021 الدفع بالبتكوين مقابل مركباتها، ثم عادت وألغت قرارها بعد أقل من عام، كانت «ستاربكس» قد سمحت بذلك لشراء فنجان من القهوة، حتى وإن كانت الأخيرة أوجدت وسيطاً لتحويل العملات المشفرة من خلاله إلى دولارات لإتمام عملية الدفع.

وفي الآتي، أبرز الشركات الكبرى التي أتاحت الدفع للمستهلكين بالعملات المشفرة:

  • شركة «باي بال» للخدمات المالية الإلكترونية، لم تحصر إمكانية الدفع بالبتكوين، فقد سمحت كذلك بالدفع عبر «الإيثيريوم» و«لايت كوين» لمستخدميها داخل الولايات المتحدة، وتحديداً في مارس آذار 2021.
  • شركة «ماستركارد» للخدمات المالية وبطاقات الائتمان، تعاقدت مع «باينانس» وهي أكبر منصة للعملات المشفرة حول العالم، في أكتوبر تشرين الأول 2021.
  • شركة الخدمات المالية «فيزا»، سبقت «ماستركارد» في مجال تبنّي العملات المشفرة، وقد أعلنت العام الجاري عن شراكة مع منصة «وايركس» للعملات المشفرة لإصدار بطاقات خاصة بالبتكوين في 40 دولة حول العالم.
  • كانت شركات الأغذية الضخمة مثل «برغر كينغ» و«كي إف سي» أيضاً من بين الجهات التي تبنت عام 2018 خدمات الدفع مقابل منتجاتها بالعملات المشفرة، كما حاولت كذلك إصدار عملات خاصة بها مثل عملة سلاسل مطاعم «برغر كينغ» المسماة «هوبر كوين» والمستمدة من اسم أحد منتجاتها، على الرغم من أنها لم تحظَ بالنجاح المطلوب وتراجعت قيمتها لتقارب 0.02 دولار بعد أن تم طرحها بقيمة 0.14 دولار.