مستويات متقلصة من المياه، وبعض القوارب والعوامات التي تستقر على الأرض المتصدعة، هي بعض المظاهر المتبقية من أطلال بحيرة «مونتبل»، التي اعتاد لونها الفيروزي أن يمتد على مساحة 1400 فدان في جنوب غرب فرنسا، وكانت ملاذاً للحياة البرية، ومصدراً حيوياً للمزارعين.

بعد مرور الشتاء الأكثر جفافاً منذ أكثر من ستة عقود، أصبحت بحيرة «مونتبل» مجرد ذكرى جافة بسبب التغيّرات المناخية.

حالياً، أصبح مستوى المياه أقل من نصف المعتاد في هذا الوقت من العام.

في حديثه إلى شبكة «CNN»، قال مسؤول المياه في الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين في إقليم أرييج الفرنسي، بوريس روكيه، «إن البحيرة تواجه خطراً لأول مرة منذ وجودها في مطلع الثمانينيات، ربما تكون واجهت أوقاتاً عصيبة من قبل، لكن ما يحدث الآن استثنائياً».

يتوقع العلماء موجات جفاف أكثر شدة بالتزامن مع تغيّر المناخ، ما يشكّل ضغطاً هائلاً على موارد المياه.

الأكثر حرارة منذ أكثر من قرن

وكانت درجات الحرارة في جنوب غرب فرنسا قد وصلت إلى 30 درجة مئوية (86 فهرنهايت) يوم الأربعاء، وفقاً لما ذكرته وكالة «ماتيو فرانس»، مفيدة بأنه أيام مارس آذار كانت الأكثر حرارة في البلاد منذ عام 1900.

في الفترة بين يناير كانون الثاني، وفبراير شباط، شهدت فرنسا أكثر من 30 يوماً متتالياً من عدم هطول الأمطار، وهي أطول فترة منذ عام 1959، إضافة إلى ضعف تساقط الثلوج، ما يعني تقليل ذوبان الجليد لإعادة شحن الأنهار في الربيع.

في مارس آذار، تساقط المزيد من الأمطار، إلا أنه لم يكن بالقدر الكافي.

قال المدير الإقليمي لوكالة «آدور-غارون» للمياه، فرانك سولاكروب لشبكة «CNN»، إن البحيرة تعاني مستويات مياه منخفضة بشكلٍ غير طبيعي.

يتعين على المزارعين، الذين يعتمدون على البحيرة، اتخاذ قرارات صعبة، فقد توقف البعض عن زراعة محاصيل معينة، واضطروا إلى زراعة المزيد من محاصيل الحبوب على أمل هطول الأمطار، في الوقت الذي يقلق فيه مربو الماشية بشأن توفير العلف للحيوانات.

يقول روكية «إن المزارعين لن يتمكنوا من الري ما لم تمتلئ البحيرة بشكل كافٍ، وهذا يضر بمعنوياتهم، سواء على الجانب المالي أو الإنساني».

من جهته، قال سولاكروب «إن الوضع لا يبشّر بالخير، مع اقتراب فصل الصيف»، وفي العام الماضي، عطّلت 400 بلدية في المنطقة إمدادات مياه الشرب.

تأمل أجزاء كبيرة من أوروبا في هطول الأمطار خلال الأشهر القليلة المقبلة، فاحتمال الجفاف في الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية في العام الماضي ازداد 20 مرة بسبب تغيّر المناخ، وفقاً لباحثي «ورلد ويذر أتريبيوشن»، لدراسة تأثيرات أزمة المناخ.

وأضاف سولاكروب أن الصعوبات التي واجهت البحيرة خلال العام الماضي يجب أن تكون تحذيراً للتفكير في التكيّف على المدى الطويل.

وقال روكيه إن التغييرات طويلة الأمد واضحة وهي ليست جيدة، هناك ارتباط مع تغيّر المناخ وقد شهدناه -نحن المزارعين- منذ عدة سنوات.

كتبت- (لورا باديسون أورور لاباري ودلال معوض CNN)