عندما تذهب كارولين صدقة لشراء البقالة في العاصمة اللبنانية بيروت، تحتفظ بهاتفها المحمول في يدها، ليس للتحقق من قائمة التسوق الخاصة بها، ولكن لحساب التكاليف المتصاعدة للسلع المسعرة الآن بأسعار صرف متقلبة ومتغيرة حسب المتجر والقطاع.

وأثناء فحص علبة التونة، أوضحت صدقة المأزق اليومي الذي يواجهه المتسوقون، وتساءلت «هذا المنتج ليس له سعر منطقي، إذا نظرت، فهو بالليرة اللبنانية، فهل هذا هو ثمنه أم أن هذا سعر قديم وهناك الآن سعر جديد بالدولار؟».

وقال صاحب المتجر محمود الشعار لوكالة رويترز، إن سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن متجره كان يخسر أموالاً بين عشية وضحاها.

ومثل العديد من أصحاب الأعمال، يتعين على الشعار أن يدفع بالدولار الأميركي لاستيراد البضائع، لكنه يبيع بالليرة اللبنانية، وفي أحد الأيام، كان قد باع جميع بضاعته على أساس سعر معين، لكنه استيقظ في اليوم التالي ليجد أن الأسعار قفزت ما يقرب من عشرة آلاف ليرة مقابل الدولار.

وقال الشعار، «في الأساس خسرنا في فرق سعر الصرف ما حققناه في الربح».

أزمة أسعار الصرف اللبنانية

مع استمرار انهيار الاقتصاد اللبناني، ظهرت مجموعة من أسعار صرف الليرة المحلية، ما عقّد عملية إدارة الأشخاص لأموالهم، وأضعف الآمال في تلبية متطلبات الإصلاح الاقتصادي التي حددها صندوق النقد الدولي.

وحددت الحكومة سعر الصرف الرسمي عند 15 ألف ليرة للدولار في فبراير شباط، وهو ما يمثّل انخفاضاً بنسبة 90 في المئة تقريباً عن السعر السابق البالغ 1507.5 ليرة لكل دولار.

لكن البنك المركزي يبيع الدولار بسعر 79 ألف ليرة للدولار، بينما يعتزم وزير المالية احتساب التعريفة الجمركية للسلع المستوردة عند نحو 45 ألف ليرة للدولار.

وفي الوقت نفسه، يحوم سعر السوق الموازي حول 107 آلاف ليرة للدولار ويتغير يومياً، ويُطلب من المتاجر الكبرى ومحطات الوقود نشر لافتات بالقيمة التي اعتمدوها لهذا اليوم، لكن المعدل يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن العديد من المتاجر لجأت إلى تسعير منتجاتها بالدولار المستقر نسبياً بدلاً من الليرة.

لافتات تظهر أسعار اللحوم بالدولار الأميركي في متجر في بيروت
لافتات تظهر أسعار اللحوم بالدولار الأميركي في متجر في بيروت

كيف تُحل هذه المشكلة؟

لحل ارتباك سعر الصرف، تحتاج الحكومة إلى تطبيق سعر صرف موحد، وهذا من بين الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد الدولي منذ ما يقرب من عام لكي يحصل لبنان على خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.

لكن صندوق النقد يقول إن الإصلاحات كانت بطيئة للغاية، وقد واجهت مقاومة من السياسيين الذين يحمون مصالحهم الخاصة، ويستفيدون من الأزمة على وصف الصندوق.

وقال الخبير الاقتصادي سمير نصر، إن الأسعار المتفاوتة عبر القطاعات تجعل إدارة الأموال الشخصية عملية «فوضوية» بالنسبة للبنانيين، وأن توحيد الأسعار أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

وأضاف «المطلوب هو مجموعة كاملة من الإصلاحات والخطوات التي ستسمح للوضع الاقتصادي بالاستقرار بشكل عام، وبالتالي تسمح بتوحيد سعر الصرف».

(رويترز).