يستهل البنك المركزي المصري أول اجتماعات لجنة السياسة النقدية هذا العام يوم الخميس المقبل، وسط توقعات متباينة بين رفع جديد لأسعار الفائدة أو احتمالية تثبيتها دون تغيير، وإرجاء الرفع إلى وقت لاحق من السنة، حسبما ذكره المحللون لـ«CNN الاقتصادية».

يأتي اجتماع اللجنة في الثاني من فبراير شباط المقبل بعد يوم واحد على اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث تشير التوقعات إلى زيادة بواقع ربع نقطة مئوية، كما يتزامن مع اجتماع البنك المركزي الأوروبي، والذي قالت رئيسته كريستين لاغارد هذا الأسبوع، إن أسعار الفائدة ستواصل الارتفاع بوتيرة مطردة إلى أن تصل إلى المستويات الكافية للسيطرة على التضخم.

ويبني المحللون توقعاتهم عما سيسفر عنه اجتماع المركزي المصري على استمرار ارتفاع معدلات التضخم، مع تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، والذي يغذّي بدوره التضخم، وهو ما قد يدفع المركزي المصري للإقدام على رفع جديد لأسعار الفائدة.

وتشهد الأسعار في مصر زيادات غير مسبوقة، إذ بلغ معدل التضخم السنوي في المدن 21.3 في المئة في ديسمبر كانون الأول، وهو أعلى مستوى منذ نهاية 2017، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.

كان البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة 8 نقاط مئوية على مدار 2022، في مسعى لاحتواء التضخم.

رفع جديد؟

يتوقع محمد عبدالمجيد، المحلل الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «بي إن بي باريبا»، أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة نقطة مئوية واحدة لكبح التضخم.

يتوافق ذلك التوقع مع ورقة بحثية من «إس آند بي غلوبال ماركت انتليجنس» رجّحت أن يتفاقم التضخم في مصر، حيث سيستمر ضعف سعر الصرف وتنامي احتمالات رفع أسعار الوقود محلياً في تأجيج الضغوط التضخمية.

وتتوقع الورقة البحثية أن يصل معدل التضخم السنوي إلى 25 في المئة في الربع الأول من العام الجاري على أن يظل مرتفعاً، الأمر الذي سيدفع البنك المركزي لرفع سعر الفائدة بين نقطة و1.5 نقطة مئوية خلال الربع الأول من العام الجاري.

في المقابل، يرى علي متولي، الاقتصادي ومحلل المخاطر في «انفوسبكترم للاستشارات»، ومقرها لندن، أن البنك المركزي قد يُقدم على زيادة الفائدة بواقع نقطة مئوية خلال اجتماع الأسبوع المقبل دون أن يستبعد احتمالية تثبيت السعر أيضاً.

وقال «احتمالية التثبيت تأتي في ظل استقرار سعر الصرف حالياً وبدء تحوله إلى نظام سعر صرف أكثر مرونة، كما أن الضغط على سعر الصرف أصبح أقل مقارنةً بالنصف الثاني من العام الماضي».

وتراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار خلال الشهور الماضية إلى مستويات قياسية تخطى فيها حاجز الـ32 جنيهاً قبل أن ينتعش قليلاً إلى أقل من 30 جنيهاً حالياً.

ورأى عبد المجيد أن تثبيت سعر الفائدة أمر وارد، وقال «هناك احتمالية إرجاء قرار تحريك الفائدة لاجتماع مارس آذار المقبل حتى يتضح تأثير قرار رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 3 نقاط مئوية في ديسمبر كانون الأول الماضي».

كان المركزي المصري خالف التوقعات وفاجأ الأسواق في ديسمبر كانون الأول الماضي برفعه أسعار الفائدة بمقدار 3 نقاط مئوية في خطوة واحدة وسط توقعات كانت تشير إلى إمكانية الرفع بمقدار نقطتين مئويتين فقط.

وتوقع متولي أن تهدأ وتيرة رفع أسعار الفائدة في مصر خلال العام الجاري لتبلغ 3 نقاط مئوية، على أن يطغى تثبيتها على أغلب اجتماعات لجنة السياسة النقدية خلال 2023.

وقال «المركزي سيتابع حجم التأثيرات السلبية والإيجابية الناتجة عن زيادة الفائدة حالياً، والتي قد لا تجعل من زيادة الأسعار بالوتيرة نفسها العام الماضي أمراً ضرورياً».

وأوضح أن رفع أسعار الفائدة في مصر يزيد مدفوعات العائد على أدوات الدين الحكومية، ما يمثل ضغطاً على موازنة الحكومة المصرية.

وفي أعقاب قرار رفع الفائدة 3 نقاط مئوية في ديسمبر كانون الأول الماضي، اضطرت وزارة المالية المصرية إلى بيع أذون خزانة لأجل عام بمتوسط عائد تخطى الـ20 في المئة، وهي المرة الأولى منذ يوليو تموز 2017.