أخذت مسألة «نزع الكربون» حيزاً مهماً من النقاشات التي درات في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الأسبوع الماضي، حيث حصلت مناشدة من المشاركين في معظم الجلسات المرتبطة بالتغير المناخي بوجوب تطبيق تدوير الكربون لاسيما في قطاعي الصناعة والنقل، وذلك من أجل الوصول إلى صافي صفر انبعاث في العام 2050.

وتشكل الصناعات ما نسبته 30 في المئة من الانبعاثات الكربونية حول العالم، وذلك وفقا لدراسة حول «انتقال المنشآت الصناعية إلى صافي صفر» نشرت على مدونات منتدى الاقتصادي العالمي والتي جاءت عقب مبادرة “نزع الكربون” أجرتها شركة «أكسونتور» ومركز أبحاث الطاقة الكهربائية EPRI بالتعاون مع منتدى دافوس.

ومن شأن الانتقال إلى «صافي صفر» أن يخلق 17 مليون وظيفة جديدة، وأن يساهم بحوالي 2.5 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفق التقرير الذي شدد على ضرورة دخول الصناعات – لا سيما صناعات المشتقات النفطية والغازات الطبيعية وصناعة الصلب ومواد البناء والألمونيوم والامونيوم – في عمليات نزع الكربون في سلاسل التوريد والإنتاج لديها كخطوة أولية نحو تحقيق «صافي صفر» في 2050.

خلال النقاشات، عُرضت التحديات التي تعتري الانتقال الى الطاقة البديلة، ومن أبرزها:

  • تقنيات تدوير الكربون: تواجه عمليات التقاط الكربون وتخزينه وتدويره وإعادة استخدامه تحديات جمة، منها تكاليف الإنفاق العالية، ومحدودية الخبرات التقنية وصعوبات إيجاد او الحصول على التمويل اللازم لا سيما بالنسبة للصناعات الصغيرة والمتوسطة.
  • الطاقة البديلة: الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح هي من الطاقات المتجددة التي أثبتت فعاليتها كبديل عن الطاقة الأحفورية. لكن هذه التقنيات تتطلب استثمارات مالية ضخمة لا تزال تفتقر إلى قدرات تخزين الطاقة لتكون حلاً مستداماً.
  • السيارات الكهربائية: إن أهم التحديات أمام انتشار استخدام هذه التقنيات هي عدم توافر بنى تحتية كافية لتأمين الشاحنات لبطاريات السيارات، وعدم توفر مادة الليثيوم بكميات كافية. هذا بالإضافة إلى عدم تنافسية السيارات الكهربائية مع مثيلاتها التقليدية من حيث تقنيات الاستخدام المتطورة. ناهيك عن افتقار غالبية الدول إلى سياسات تحفيزية تشجع الأفراد على استخدام هذا النوع من السيارات. ويعكف الباحثون حالياً على دراسة إمكانية استبدال مادة الليثيوم بمادة ايون الحديد لشحن البطاريات.
  • التغطية الكربونية: يكمن هذا الحل في إيجاد سوق تبادل الكربون حيث تستثمر الشركات المسببة للانبعاثات في مشاريع بيئية للتعويض عن هذه الانبعاثات. ومن أبرز المشاكل التي تعتري هذا الحل، إيجاد المشاريع البيئية المناسبة وخلق آليات للتحقق والتدقيق في شفافية هذه المشاريع، فضلاً عن المعايير الموحدة لقياس مدى فعاليتها.
  • الطاقة النووية: رغم كون النووي مصدراً قوياً للطاقة، إلا أن استخدامه لا يزال مثيراً للجدل، خصوصاً لجهة تأثيره على الصحة العامة ومدى الجهوزية الاجتماعية لتقبله كحل بديل. أما كيفية التخلص من مخلفات النووي فلا تزال مشكلة قائمة. ويضاف إلى ذلك، إيجاد الاستثمارات اللازمة لإنشاء محطات طاقة نووية التي لا تزال تكلفتها باهظة.
  • الهيدروجين النظيف: وهي من أكثر التقنيات الواعدة، لكنها لا تزال في طور النمو لتكون مصدراً بديلاً شاملاً. فعملية إنتاج الهيدروجين الأخضر هي أكثر تكلفة من الهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري، ويتطلب إنتاجه استثمارات هائلة في عمليات استخراجه وتخزينه وتوزيعه.

وتبقى تكاليف هذا الانتقال متدنية مع حجم الخسائر التي يشهدها العالم جراء تغير المناخ، حيث لابد من اعتماد مبادرات الاستدامة التي ستكون ذات عوائد اقتصادية كبيرة وستساهم بنحو 10 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول العام 2050 وفق تقرير كانت نشرته شركة استشارات الاستدامة «آروب» و«أكسفورد إيكونوميكس»