بدأت أزمة الإمدادات النفطية العالمية في دفع أسعار المواد الأولية لصناعة البتروكيماويات للارتفاع، وهو ما يظهر تأثيره بوضوح على النتائج المالية لشركات البتروكيماويات السعودية لعام 2022.

وتمتلك السعودية نحو 17 في المائة من احتياطيات النفط العالمية، ولديها ثاني أكبر احتياطي نفطي مُثبت في العالم، بحسب إدارة التجارة الدولية، ما يعزز مكانتها العالمية في صناعة البتروكيماويات التي تعتمد بشكل رئيسي على المنتجات النفطية.

وقال كياران هيلي محلل وكالة الطاقة الدولية، في تقرير لوكالة «ستاندرد آند بورز» نُشر أواخر العام الماضي 2022 «نتوقع على مدى العقد القادم تصاعد حصة النفط التي تذهب إلى المواد الأولية للبتروكيماويات، لتقترب من 20 في المئة من إجمالي الاستهلاك، وربما تتخطى ذلك».

وأضاف أنه بالنسبة للشرق الأوسط، تمثل المواد الأولية للبتروكيماويات بالفعل نحو 25 في المئة من إجمالي الطلب على النفط، وهو أعلى من المتوسط ​​العالمي.

لكن مع ارتفاع أسعار المواد الأولية المُستخدمة في التصنيع وتزايد تكاليف الشحن والتوزيع عالمياً، تلقت أرباح الشركات الرائدة في قطاع البتروكيماويات بالسعودية ضربة قوية خلال عام 2022.

أسعار المواد الأولية وتأثيرها على الأرباح

بشكل مُبسط، يمثل هامش الربح التشغيلي لشركات البتروكيماويات أسعار المنتجات المبيعة بعد خصم تكاليف المواد الأولية وتكاليف الإنتاج، ومن ثم فإن تكاليف أسعار المواد الأولية تؤثر بشكل مباشر على أرباح الشركات.

وأشارت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها في ديسمبر كانون الأول 2022، إلى أن منتجي الديزل الحيوي والديزل المتجدد والوقود الحيوي قد يواجهون أزمة إمدادات بشأن المواد الأولية خلال الفترة من عام 2022 حتى 2027، إذا لم تتغير الاتجاهات الحالية.

نتائج أعمال ضعيفة للشركات السعودية

أعلنت شركة الصناعات الأساسية «سابك» يوم الثلاثاء، انخفاض صافي أرباحها خلال عام 2022 ليصل إلى 16.53 مليار ريال (نحو 4.4 مليار دولار)، مسجلةً تراجعاً بنسبة 28.35 في المئة عن 23.07 مليار ريال المحققة في العام السابق.

كما سجلت شركة الصحراء العالمية للبتروكيماويات «سبكيم» هبوطاً في إجمالي أرباحها بنحو 9.4 في المئة إلى 4.8 مليار ريال (1.28 مليار دولار) في العام الماضي، مقابل 5.3 مليار دولار مسجلة في عام 2021.

في حين تكبدت «كيان» للبتروكيماويات صافي خسارة بقيمة 1.24 مليار ريال (نحو 330 مليون دولار) في عام 2022، متخلية عن صافي ربح بلغ 2.3 مليار ريال في العام السابق.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كشفت شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات «ينساب» أيضاً عن تراجع صافي أرباحها للعام المُنصرم بنسبة 72.96 في المئة إلى 414.1 مليون ريال (110.33 مليون دولار)، مقارنةً بصافي ربح بلغ 1.53 مليار ريال في عام 2021.

الاستثمارات مستمرة

وعلى الرغم من ضعف أرباح الشركات السعودية في قطاع البتروكيماويات خلال عام 2022، توقع تقرير «ستاندرد آند بورز» أن تتزايد استثمارات السعودية في قطاع البتروكيماويات خلال السنوات المقبلة.

واستثمر منتجو الطاقة الخليجيون بكثافة على مدى العقد الماضي في مصافي التكرير.

أعلنت «أرامكو» السعودية تشغيل منشأة جازان، البالغ إنتاجها 400 ألف برميل يومياً، في عام 2021، وبدأت الكويت أخيراً هذا العام في تشغيل منشأة الزور البالغ إنتاجها 615 ألف برميل يومياً، بعد تأخير دام عقداً من الزمن.

وقالت الوكالة «الآن هؤلاء المنتجون أنفسهم يتطلعون أكثر إلى تطوير مصافي تكرير متكاملة مع منشآت بتروكيماوية أو حتى تخطي هذه الخطوة، كما في حالة السعودية، التي تدرس مشاريع تحويل النفط الخام إلى كيماويات على الصعيد المحلي والدولي».

وأعلنت «أرامكو»، التي تمتلك 70 في المئة من «سابك»، مؤخراً عن خطط لنشر تقنية تكسير الخام إلى المواد الكيميائية في فرع الشركة بكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى مشروع مشترك مع «سابك» لتطوير مجمع خام إلى كيماويات في رأس الخير في المملكة.