من المتوقع أن يتسم أداء سوق العقارات الفاخرة في دبي بالقوة في 2023، لنشهد زيادة بنسبة 20 في المئة في المبيعات، بحسب بيتري مانيلا، مدير المبيعات بشركة «بينت هاوس» العقارية.

وأضاف مانيلا أن الأرقام تشير إلى بداية قوية لقطاع العقارات عموماً في دبي هذا العام، حيث من المتوقع أن تنمو المبيعات 9.5 في المئة، وذلك رغم تخوف البعض من تباطؤ دبي بسبب الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم اليوم.

ويتوقع تقرير حديث صادر عن «نايت فرانك» للاستشارات العقارية أن تنمو سوق العقارات الفاخرة بدبي 13.5 في المئة في 2023، وهو ما سيكون رقماً قياسياً، حيث من المستبعد أن تلمس أي سوق عقارات عالمية أخرى نسبة نمو في خانة العشرات هذا العام.

بذلك لن يكون 2022 عام طفرة يعقبها تراجع، بل عاماً تمهيدياً لمزيد من نمو سوق العقارات الفاخرة في الإمارة، على عكس بعض التوقعات التي تشير إلى تباطؤ في هذا العام وفي الأعوام اللاحقة.

«إذا قمنا بمقارنة بناية «البكارا» في نيويورك بمبنى «البكارا» في دبي، فسنجد أن المنتج الإماراتي بمثابة آيفون 15 والأميركي آيفون 3»
جورج عزار
رئيس مجلس إدارة شركة «لوكسابيتات سوثبيز إنترناشيونال»

يقول جورج عزار، رئيس مجلس إدارة شركة «لوكسابيتات سوثبيز إنترناشيونال»، إن سوق العقارات الفاخرة ازدادت نضجاً في دبي على مدار العامين الأخيرين.

وتابع «قبل ذلك، كان الطلب موجوداً، ولكن ليس بالزخم نفسه الذي نشهده اليوم، فالطلب على الفلل كان محصوراً في تلال دبي، وكانت الأسعار محدودة أيضاً، كما كانت جنسيات المشترين من عرب، وهنود، وباكستانيين، وخليجيين والقليل من الأوروبيين.. لكن الآن، زاد تنوع جنسيات المشترين، ما أثر على الطلب وتنوع المنتج العقاري».

عرض قليل وطلب كبير

في فبراير شباط، تخطت سوق دبي حجم العقارات التي أنشئت وبيعت بين عامي 2009 و2013.

ويقول مانيلا إنه منذ نحو 15 عاماً، كانت دبي سوقاً صغيرةً مقارنةً بحجم سوق اليوم، لكن «جميع مطوري العقارات الفاخرة الذين نعرفهم يعانون نقصاً في المعروض، فيتم بيع جميع المواقع والمشاريع الرائعة في غضون ساعات أو أيام.. دبي سوق جيدة، ويبقى هنالك مجال لزيادة عدد المنشآت».

اليوم أسعار العقارات الفاخرة في دبي تدور بين 1360 و2700 دولار للقدم المربعة.

ويقول عزار إن الأسعار لن تتصاعد أكثر في 2023، لكن الطلب يرتفع وبقوة، ففي شهر يناير من هذا العام، باعت شركته عقارات بقيمة 350 مليون دولار، وهو ارتفاع سنوي بنسبة 30 في المئة.

ويضيف عزار أنه يظل من الممكن أن تشهد السوق طرح منتج يكون الطلب عليه شديداً للغاية، فيفرض أسعاراً أعلى من تلك الموجودة في السوق حالياً.

ومقارنة بالمدن والمناطق الأخرى حول العالم، يقول مانيلا إن أسعار العقارات الفاخرة في دبي منخفضة، ويزيد «مقارنة بمتوسط الأسعار في موناكو أو نيويورك ولندن، لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه».

أما بالنسبة للعقارات التي تحمل علامة تجارية وتقدم خدمات فندقية، فتعد دبي هي أشهر المدن في هذه السوق بعد ميامي الأميركية.

وقال عزار «اليوم في لندن، نقص الوحدات يحد من وجود هذا النوع من العقارات، وفي باريس الضرائب لا تشجع على القيام بمشاريع مماثلة».

تجاوزت دبي الرقم القياسي لأعلى سعر عقار في سوقها عندما بيعت الشقق بمبنى «بولغري» مقابل 30 ألف درهم (8160 دولاراً) للقدم المربعة، علماً أن الشقق في المبنى نفسه في نيويورك بيعت بقيمة أعلى وهي 12 ألف دولار للقدم المربعة.

وأضاف عزار «كما إذا قمنا بمقارنة بناية (البكارا) في نيويورك بمبنى (البكارا) في دبي، فسنجد أن المنتج الإماراتي بمثابة آيفون 15 والأميركي آيفون 3، لأن (بكارا) دبي متطور أكثر وشكله و(تشطيبه) ولمساته الأخيرة أفضل بكثير.. إجمالاً، العقارات هنا محدّثة أكثر من تلك الموجودة بنيويورك وميامي، فدبي تتحدى المعايير العالمية».

«عندما قدم الأوروبيون إلى دبي للاستثمار بسوق العقارات وسألوا بكم يورو يباع المتر اندهشوا بجوابنا أن المتر هنا يباع بنحو 12 ألف يورو، فقالوا هل يجني المطور العقاري أرباحاً بهذا المبلغ البسيط؟ ذلك لأنه في أوروبا الأملاك التي تكون بهذا المستوى من الرفاهية تسعَّر بنحو 30 إلى 60 ألف يورو للمتر».

هل يؤثر الفتور الاقتصادي العالمي على سوق دبي؟

لا تفرض دبي ضرائب على المواريث أو على الدخل ولا حتى ضريبة أرباح على المكاسب الرأسمالية، وهذا الأمر ساعد على نمو الطلب على العقارات.

يقول عزار «أغلبية المؤسسات في الإمارات، المالية والحكومية، لديها تدفق نقدي إيجابي ونسبة الدين في البلد ضئيلة، كما أن المشترين في دبي لا يدفعون بالدين، لذا لا توجد أخطار من ناحية التضخم».

كما أن أغلب الأشخاص الذين يشترون العقارات الفاخرة هم من المقيمين، ويدفعون من مالهم الخاص ولا يقترضون من البنوك، «والنسبة الأكبر منهم من فئة المستخدمين النهائيين، أي يشترون العقار للاستعمال وليس للاستثمار، لذا إذا ضعفت السوق فهؤلاء المشترين ليسوا مهتمين ببيع أملاكهم، فيمكننا القول إن أسعار هذه العقارات ليس من الممكن أن تهبط أكثر من خمسة في المئة»، حسب ما قال.

والأمان عامل جذب كبير في دبي، فعلى عكس أوروبا حيث الوضع السياسي والاقتصادي غير مستقر، العائلات ذات الدخل الكبير تبحث عن مكان للإقامة أو منزل صيفي، وغالباً ما يقع اختيارهم على التملك في دبي.

أبرز المشترين

«العقارات الفاخرة في دبي لها حضور في جميع أنحاء العالم. وبسبب التطورات السياسية الأخيرة، قدم كثير من الروس للاستثمار في العقارات الفاخرة هنا.. الهنود ومواطنو دول مجلس التعاون الخليجي هم من أبرز المشترين الآن، وأوروبا لها حضور قوي هنا، وهناك وافدون جدد من الأميركيين والصينيين يدخلون السوق»، وفقاً لمانيلا.

من جانبه، يقدر عزار أن أكثر من 60 في المئة من الطلب على العقارات الفاخرة في دبي يأتي من أوروبا وأغلبه من النمسا، وسويسرا، وفرنسا، وجمهورية التشيك، وإنجلترا، واليونان، وبولندا وألمانيا.

فهل تجذب سوق العقارات الفاخرة في دبي المزيد من الجنسيات، كالأميركيين مثلاً الذين اضطروا لسحب أموالهم من البنوك بعد انهيار بنك «سيليكون فالي» ووسط حالة القلق إزاء استقرار القطاع المصرفي؟

يتوقع الخبراء أن نرى تحولاً في تدفقات رأس المال من الاستثمار التكنولوجي إلى الأصول الحقيقية، مثل العقارات، وهذا التحول بالنسبة لفيليب لورد، أحد مؤسسي شركة «بيملكو بارتنرز» الاستشارية، من الممكن أن يدر عوائد على الإمارات، فهي من أفضل مقاصد الاستثمار العقاري.