تسعى الأسواق العالمية للطاقة لسد الفجوة الناجمة عن العقوبات المفروضة على روسيا وعلى صادراتها من النفط والغاز بسبب الحرب الأوكرانية.

ففي شمال إفريقيا، وتحديداً في الجزائر، استعاد البلد المصدر للطاقة مكانته مورداً رئيسياً للغاز الطبيعي لإسبانيا في يناير كانون الثاني، بحسب تقرير لوكالة «رويترز»، نقلاً عن شركة «إناغاس» الإسبانية.

وكان خط الأنابيب بين المغرب العربي وأوروبا -الذي يضخ الغاز الجزائري في خطوط أنابيب تعبر الأراضي المغربية- قد أُغلق في أواخر 2021 بعد توترات بين الجزائر والرباط، ثم تفاقم الوضع عندما غيّرت الحكومة الإسبانية موقفها من الصحراء الغربية، ما أثار استياء الجزائر، فقررت شركتها الوطنية للطاقة «سوناطراك» مراجعة أسعار الغاز.

واتفقت «سوناطراك» ومجموعة الطاقة الإسبانية «ناتورغي» على سعر جديد يُطبق بأثر رجعي على الكميات الموردة حتى نهاية عام 2022، وقررتا أيضاً مواصلة التفاوض على الأسعار هذا العام، بحسب رويترز.

وفي حين كانت الجزائر مسؤولة عن أكبر كميات من شحنات الغاز الشهرية إلى إسبانيا منذ عام 2006، فقد تراجعت إلى المركز الثاني بعد الولايات المتحدة في يناير كانون الثاني 2022، بعد الخلافات مع كلٍ من إسبانيا والمغرب.

لكن أزمة النفط والغاز في أعقاب اندلاع الحرب بأوكرانيا «دفعت الدول الأوروبية للإسراع بإيجاد البديل، والذي يتمثل في أسواق شمال إفريقيا»، بحسب شعيب بوطمين، المستشار الاستراتيجي للطاقة في الجزائر، الذي قال لـ«CNN الاقتصادية» إن «الجزائر ستحترم الالتزامات التعاقدية لتزويد إسبانيا بالغاز في 2023».

وقال بوطمين إن الدول الأوروبية كسبت بعض الوقت بسبب الأحوال المناخية المستقرة هذا الشتاء، والتي حافظت على مخزونها من الغاز، لكن الفترة القادمة قد تكون أصعب على الاتحاد الأوروبي، وهذا عامل أساسي يدفع كلاً من إيطاليا وإسبانيا للتوجه إلى السوق الجزائرية والليبية، بل والمصرية أيضاً.

الأنظار على الجزائر

في 2022، بلغت صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي إلى أوروبا أكثر من 50 مليار متر مكعب، أي ما يتجاوز 80 في المئة من صادراتها من الغاز، وفق تصريحات ميلود مجلد، المدير العام للاستشراف بوزارة الطاقة والمناجم الجزائرية للإذاعة الرسمية.

وكانت «سوناطراك» وقّعت أواخر 2022 عقوداً لتوريد كميات إضافية من الغاز لإيطاليا تبلغ تسعة مليارات متر مكعب في السنة المالية 2023-2024، بالإضافة إلى توريد 300 مليون متر مكعب من الغاز لسلوفينيا للمرة الأولى منذ 2012.

وفي يناير كانون الثاني 2023، قالت مجموعة «إيني» الإيطالية إنها ستدرس مع «سوناطراك» مشاريع مشتركة لتحسين القدرة التصديرية للطاقة، حيث تسعى روما لتصبح جسراً للتجارة الإفريقية مع أوروبا، وفق ما ذكرت «رويترز».

وجاء هذا في إطار توقيع الشركتين صفقات جديدة خلال أول زيارة لرئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى الجزائر العاصمة بداية 2023، حيث التقت الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون.

واعتبرت ميلوني أن الجزائر «الشريك الأكثر استقراراً واستراتيجيةً» لروما في شمال إفريقيا.

وتُزوّد الجزائر أوروبا بالغاز عبر خطي أنابيب، الأول هو خط «ترانسميد-إنريكو ماتي»، الذي يمتد إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط، والثاني خط «ميدغاز» ويصل بين الساحل الشمالي الغربي للجزائر وجنوب إسبانيا، بالإضافة إلى تصدير الغاز المسال على متن الناقلات بحراً.