شدّد قادة قطاع النفط وخبراؤه يوم السبت على ترجمة أهداف التحول العالمي للطاقة المستدامة إلى واقع واستثمارات للمستقبل العاجل، مع التأكيد على أهمية توفير إمدادات الوقود الأحفوري اللازمة لضمان استقرار الأسواق والأسعار.

وعلى وقع نقاشات منتدى الطاقة العالمي في أبوظبي، والذي ينظمه المجلس الأطلسي، أعلنت الإمارات أن مؤتمر الأطراف (COP28) المناخي، الذي تستضيفه دبي في نوفمبر تشرين الثاني، سيكون مؤتمرا «عملياً يرتقي بالطموحات، وينتقل من وضع الأهداف إلى تنفيذها».

وقال سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس المعين للمؤتمر «نحن بعيدون للغاية عن المسار الصحيح، والعالم لا يزال متأخرا في تنفيذ الهدف الرئيسي لاتفاق باريس، وهو تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض عتبة 1.5 درجة مئوية».

وأشار الجابر في كلمته خلال المنتدى إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 42 في المئة بحلول العام 2030، لافتاً إلى أن أكثر من 70 في المئة من اقتصاد الإمارات أصبح يعتمد حاليا على قطاعات غير النفط والغاز.

وأضاف أن الإمارات استثمرت 50 مليار دولار في التقنيات النظيفة عالمياً على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، وأنها تخطط لاستثمار 50 مليار دولار إضافية في السنوات المقبلة.

وتابع أن العالم بحاجة إلى زيادة إنتاج الطاقة المتجددة لنحو ثلاثة أمثال المستويات الحالية، ليصل إلى 23 تيراواط ساعة بحلول 2030، وإلى زيادة إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون لأكثر من مثليه إلى ما لا يقل عن 180 مليون طن.

وفي ظل توقع بلوغ عدد سكان العالم 9.7 مليار نسمة بحلول 2050، قال الجابر إن من الضروري زيادة إنتاج الطاقة بنسبة 30 في المئة مقارنة بالمستويات الحالية، مع توفير مصادر الطاقة الهيدروكربونية بأقل قدر ممكن من الانبعاثات ما ظل العالم معتمداً عليها.

كلمة سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس المعين للمؤتمر

سوق النفط «مستقرة إلى حد ما»

من جهته، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن المشكلة الرئيسية في قطاع الطاقة تكمن في نقص الاستثمار وتردُد المؤسسات المالية في تمويل مشاريع النفط والغاز على الرغم من الاكتشافات الهائلة في القطاعين، والتي تظل دون تطوير بالوتيرة الكافية.

وقال المزروعي للصحفيين رداً على سؤال عن قراءته للسوق «سوق النفط مستقرة إلى حد ما».

وتابع «مع فتح الصين (لحدودها واقتصادها الداخلي) سيرتفع الطلب وعندما نلتقي (كمجموعة أوبك+) سنحلل المعطيات كالعادةوسنأخذ دائماً القرار الذي سيخدم توازن السوق».

وشدد المزروعي على أن أمن الطاقة يتحقق عبر تعاون الدول، وهو الأمر الذي أكدت عليه أيضاً ديتيه جول يورغنسن، المديرة العامة للطاقة في المفوضية الأوروبية، مشيرة إلى أن الأزمة لم تنته بعد بسوق الطاقة في القارة.

وقالت يورغنسن «نوّعنا (مصادر الطاقة) لدينا بعيدا عن الواردات الروسية… تعلّمت أوروبا من أخطائها السابقة، وتتطلع قدماً لتعزيز دورها كمركز للطاقة».

أزمة مؤجلة

وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي بدا أقل تفاؤلا، إذ يرى أن الشتاء المعتدل نسبياً حتى الآن في أوروبا خفف من معدلات استهلاك الغاز المخزون هذا العام، لكن الأزمة ستعود للظهور من جديد في الشتاء المقبل، وسط ندرة الاستثمارات في القطاع خلال الخمس أو الست سنوات الماضية.

وقال «لا يوجد الكثير من الغاز لتصديره إلى أوروبا.. والمسألة الأكبر التي يجب معالجتها الآن هي الفحم الحجري» الذي يُستخدم بمستويات قياسية، وفق ما قال الكعبي.

شهدت الأشهر الأخيرة عودة أوروبية محمومة إلى الفحم في ظل الأزمة المحتدمة مع روسيا بسبب الحرب الأوكرانية، مما يثير المخاوف من انتكاسة في جهود احتواء تغير المناخ.

من ناحية أخرى، توقع الكعبي أن يشهد العام الحالي العديد من الإعلانات والاتفاقات في مجال الطاقة بقطر.

وقال للصحفيين «هذا العام سيكون عاما كبيرا لقطر».

سيناريوهات مختلفة

وفي جلسة حوارية، قال آموس هوكشتاين، المنسق الخاص لشؤون الطاقة للرئيس الأميركي، إنه يتعين على العالم أن يستعد لسيناريوهات مختلفة، مشيراً إلى أن سوق النفط اليوم لا تتأثر بالعرض والطلب فحسب كما هو الوضع الطبيعي، بل بعوامل أخرى عديدة، منها القرارات الأوروبية والقرارات الروسية المضادة المتعلقة بتصدير النفط ومنتجاته وأسعاره.

وقال «علينا أن نستعد لأسعار نفط أعلى ولكيفية التعاطي مع هذا الامر.. ونحن مستعدون».

(شارك في التغطية نور التجاني ولين ماضي وريم الشامي)