شهد العالم مؤخراً ارتفاعاً في عدد حالات الإصابة بمرض جدري القرود (Mpox)، وهو ما أثار مخاوف صحية عالمية جديدة، في الوقت ذاته، برزت أهمية حملات التطعيم في غزة، حيث وافقت إسرائيل مؤخراً على وقف إطلاق النار مؤقتاً للسماح بإجراء حملة تطعيم ضد شلل الأطفال للأطفال في القطاع.

هذا التقاطع بين الصحة العامة والنزاعات المسلحة سلط الضوء على أهمية توفير اللقاحات في مناطق النزاع، في هذا السياق، أجرت CNN الاقتصادية مقابلة مع الدكتورة سانيا نشتر، الرئيسة التنفيذية لتحالف اللقاحات ” غافي” (Gavi)، للحديث عن الجهود العالمية لتوفير اللقاحات، بما في ذلك استجابتها لتفشي جدري القرود ودورها في حملة تطعيم الأطفال في غزة.

تحالف غافي هو شراكة بين القطاعين العام والخاص تهدف إلى توفير اللقاحات للدول الأكثر فقراً في العالم، تأسس قبل 24 عاماً، وقد نجح في تلقيح أكثر من مليار طفل، ما أسهم في إنقاذ 17 مليون حياة، علاوة على ذلك، حقق التحالف فوائد اقتصادية هائلة، حيث يعود كل دولار يُستثمر في «غافي» بفوائد تصل إلى 54 دولاراً. وأكدت نشتر أن التحالف يستعد حالياً للدورة الاستراتيجية السادسة (2026-2030) التي تتزامن مع انتهاء أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن «غافي» يسعى لتسريع وتيرة عمله وتلقيح مليار طفل آخر في نصف الوقت السابق.

استجابة غافي لتفشي جدري القرود

في ظل تفشي مرض «جدري القرود» في عدد من المناطق حول العالم، يقوم تحالف «غافي» بدور محوري في توفير اللقاحات للبلدان المتضررة، تعمل منظمة الصحة العالمية بوصفها الجهة الرئيسية التي تشرف على استجابة هذا التفشي، فيما يُعنى «غافي» بتوفير اللقاحات اللازمة لهذا الغرض. وأشارت نشتر إلى أن التحالف بدأ في بناء مخزون استراتيجي من لقاحات جدري القرود، على غرار مخزونات اللقاحات الأخرى مثل لقاحات الكوليرا والحمى الصفراء والإيبولا.

أوضحت نشتر أن التحالف يعمل حالياً على تخصيص الأموال لتسهيل توزيع اللقاح في البلدان المتضررة مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما يعمل على شراء الجرعات مباشرة من الشركات المصنعة. من المتوقع أن يتم تسليم جزء كبير من هذه الجرعات بحلول نهاية عام 2024. بالإضافة إلى ذلك، قام «غافي» بتفعيل صندوق الاستجابة الأولية بقيمة 500 مليون دولار لدعم الاستجابة السريعة لتفشي المرض.

حملة التطعيم في غزة

في ظل الصراع المستمر في غزة، تعتبر توفير اللقاحات للأطفال تحدياً كبيراً. ولكن مؤخراً، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مؤقتاً بين إسرائيل وحماس، للسماح بتنفيذ حملة تطعيم ضد شلل الأطفال.

وقد وافق التحالف على تقديم منحة بقيمة 2.3 مليون دولار لشراء معدات سلسلة التبريد اللازمة لحفظ اللقاحات، وذلك بالتعاون مع «اليونيسف». هذه المعدات تلعب دوراً حيوياً في ضمان سلامة اللقاحات، خصوصاً في ظل نقص الكهرباء والبنية التحتية الصحية المتهالكة في غزة، بالإضافة إلى ذلك، تمت الموافقة على منحة أخرى بقيمة 7.4 مليون دولار لتعزيز برامج التحصين الروتينية في القطاع، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

مكافحة الأمراض الأخرى

بجانب الجهود الفورية للتصدي لتفشي جدري القرود وتطعيم الأطفال في غزة، يركز «غافي» على توسيع نطاق لقاحاته ليشمل الأمراض الأخرى. يعمل التحالف على تعزيز استخدام لقاح الملاريا الذي يهدف إلى تلقيح 50 مليون طفل، ولقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) الذي يسعى إلى تطعيم 100 مليون فتاة مراهقة ضد هذا الفيروس الذي يُعد أحد الأسباب الرئيسية لسرطان عنق الرحم.

أثناء زيارتها للمنطقة، أشادت الدكتورة نشتر بدور الإمارات في دعم جهود «غافي». فقد أسهمت الإمارات بمبلغ 38 مليون دولار لدعم التحالف، وهو ما يُعد إسهاماً مهماً في توفير اللقاحات للأطفال في الدول النامية، وأعربت عن شكرها للإمارات لدورها الكبير في تعزيز الصحة العالمية، مشيرة إلى أن 28% من مساعدات التنمية الرسمية التي تقدمها الإمارات تذهب إلى الدول الإفريقية، وهي منطقة تركز «غافي» أيضاً على دعمها.

في ختام حديثها، أكدت نشتر أن التعاون الدولي هو المفتاح الأساسي لمواجهة التحديات الصحية العالمية، مثل تفشي جدري القرود وتوفير اللقاحات للأطفال في مناطق النزاع، وقالت: «من خلال العمل المشترك مع شركائنا العالميين والإقليميين، يمكننا توسيع نطاق عملنا والوصول إلى المزيد من الأطفال والمجتمعات التي تحتاج إلى اللقاحات».