أسهمت جائحة كورونا في زيادة الإقبال على التسوق الإلكتروني، وتقليص الاعتماد على النقد في إجراء المدفوعات، وتزايد الاهتمام بالعملات الرقمية الرسمية التي تصدرها البنوك المركزية.
وكشف تقرير حديث صادر عن بنك التسويات الدولية أن 93 في المئة من البنوك المركزية حول العالم تعكف حالياً على تطوير أو استحداث عملات رقمية جديدة.
فما هي العملات الرقمية للبنوك المركزية؟
العملات الرقمية الرسمية هي نسخ رقمية من النقود تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها، وشهد العالم إطلاق أول عملة رقمية رسمية قبل ما يقرب من ثلاثة عقود في عام 1993، والتي أطلقها بنك فنلندا المركزي تحت اسم بطاقات «أفانت» الذكية.
وعلى عكس العملات المشفرة، تتسم العملات الرقمية بدرجة أعلى من الاستقرار والأمان.
وحتى يوليو تموز 2022، كان هناك ما يقرب من 100 عملة رقمية رسمية قيد التطوير من البنوك المركزية، من بينها اثنتان صدرتا بشكل كامل وهما «إي نايرا» التي أُصدِرت في نيجيريا في أكتوبر تشرين الأول 2021، و«الدولار الرملي» الذي ظهر لأول مرة في جزر البهاما في أكتوبر تشرين الأول 2020.
وتحتل أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي مركز الصدارة في مجال العملات الرقمية، ويعتزم البنك المركزي البرازيلي إطلاق عملته الرقمية المقبلة «دريكس» في 2024.
في غضون ذلك، يعمل صندوق النقد الدولي على إنشاء منصة للعملات الرقمية الرسمية بهدف تيسير المعاملات النقدية بين البلدان.
وفي يونيو حزيران 2023، قدمت المفوضية الأوروبية مشروع قانون لليورو الرقمي، الذي سيمنح الأفراد والشركات على مستوى منطقة اليورو خياراً إضافياً للدفع الرقمي على نطاق أوسع وأقل تكلفة وأكثر مرونة وأماناً. ومن المحتمل إطلاق اليورو الرقمي في عام 2028.
مزايا ومساوئ العملات الرقمية
يمكن للعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية -إذا صُممت بشكل جيد- أن تسهم في خفض تكلفة التحويلات الدولية وتيسير الوصول للخدمات المالية بشكل عام.
كما يمكنها تعزيز فاعلية أنظمة الدفع المحلية، ودعم المنافسة، وتحسين فرص الحصول على القروض، وزيادة كفاءة المدفوعات، وخفض تكلفة المعاملات.
لكن يجب التحذير من أن تصميم وإدارة هذا النوع من العملات بشكل خاطئ قد يضر بالاستقرار المالي وخصوصية البيانات والنزاهة المالية، كما قد تنتج عنه تحديات قانونية ومخاطر إلكترونية وتشغيلية للبنوك المركزية، بحسب تصريحات سابقة لمديرة صندوق النقد الدولي.
ويمكن أن تؤدي سهولة الوصول إلى العملات الرقمية الرسمية الأجنبية إلى مخاطر استبدال العملة وتقلبات التدفقات النقدية.
وتواجه البنوك المركزية بالفعل العديد من التحديات التي تختبر استقلاليتها ومصداقيتها وشرعيتها، وكلما اتسع نطاق استخدام الأموال التي تصدرها، زادت الضغوط السياسية التي ستتعرض لها.
لكن هل تحل هذه العملات محل العملات التقليدية؟
تلتزم البنوك المركزية حول العالم بالحفاظ على سلامة وتوافر النقد، وتستخدم العملات الرقمية كوسيلة لتوسيع خيارات الدفع الآمنة، وليس لتقليلها أو استبدالها.