أججت مواصلة إسرائيل قصفها لقطاع غزة وسط أنباء عن خطط لاجتياح بري للقطاع مخاوف قوية لدى الأسواق العالمية من إطالة أمد الصراع.
وبالفعل سجلت أسعار النفط قفزات ملحوظة منذ بدء الصراع بين إسرائيل وغزة يوم 7 أكتوبر تشرين الأول، في ظل مخاوف من اتساع نطاق الصراع ليشمل مناطق أخرى.
وقفز سعر برميل خام مزيج برنت نحو ستة دولارات متخطياً مستوى 90 دولاراً للبرميل، الأمر الذي قد يدفع التضخم في الولايات المتحدة ودول أوروبا للارتفاع مجدداً وبالتالي عودة الفيدرالي الأميركي والمركزي الأوروبي لسياسة رفع الفائدة مرة أخرى.
ارتفاع التضخم
وفي سبتمبر أيلول الماضي ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في ظل ارتفاع تكاليف الإيجارات والبنزين.
وذكرت وزارة العمل الأميركية يوم الخميس أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.4 في المئة في سبتمبر أيلول الماضي، وقفز مؤشر أسعار المستهلكين 0.6 في المئة في أغسطس آب، وهي أكبر زيادة خلال 14 شهراً.
وفي فترة 12 شهراً حتى سبتمبر أيلول، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 3.7 في المئة بعد ارتفاعه بالقراءة نفسها في أغسطس آب.
ومن المرجح في حال تواصل ارتفاع أسعار النفط جراء تواصل الصراع الدائر في غزة أن يدفع التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا للصعود بمستويات أكبر، وهو ما قد يجبر الفيدرالي الأميركي على العودة مجدداً لانتهاج سياسة رفع الفائدة.
ويؤدي انتعاش أسعار النفط لارتفاع أسعار النقل الذي بدوره يدفع أسعار السلع للصعود، وهو ما يجعل التضخم يرتفع بشكل ملحوظ.
وفي خطابه الأخير الشهر الماضي، أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن معدلات التضخم لا تزال أعلى من المستوى المستهدف البالغ اثنين في المئة، وأن خفضه يتطلب وقتاً طويلاً، مشيراً إلى استعداد الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة عند الحاجة لذلك.
وكان باول حريصاً وقتها على عدم إعطاء الانطباع بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة، قائلاً «نحن مستعدون لرفع أسعار الفائدة عند الحاجة».
وفي اجتماعه الأخير يوم 21 سبتمبر أيلول، أعلن الاحتياطي الفيدرالي تثبيت أسعار الفائدة، لتظل عند أعلى مستوياتها منذ 22 عاماً، وبما يتماشى مع توقعات الأسواق.
يأتي ذلك في ضوء رحلة تشديد السياسة النقدية من قبل البنك المركزي الأميركي التي بدأت منذ مارس آذار 2022 لمكافحة تسارع التضخم، واستمرت حتى اجتماع يوليو تموز 2023، عندما رفع الفائدة 25 نقطة أساس إلى النطاق 5.25-5.5 في المئة.
وقبل أسبوع من اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة، الشهر الماضي، 25 نقطة أساس، في إطار حربه على التضخم.
ورجح المركزي الأوروبي آنذاك أن تكون هذه الخطوة الأخيرة في معركته المستمرة منذ أكثر من عام ضد التضخم، لكن استمرار الصراع في غزة قد يطيح بترجيحاته.
وشدد البنك المركزي الأوروبي للدول العشرين التي تستخدم اليورو في بيان رسمي حينها على عزمه ضمان عودة معدلات التضخم إلى المستهدف البالغ 2 في المئة.
وتنتهج معظم البنوك المركزية حول العالم قرارات الاحتياطي الفيدرالي نفسها بشأن أسعار الفائدة، إما لارتباط عملات تلك الدول بالدولار الأميركي أو نتيجة مخاوف من هروب الاستثمارات الأجنبية لديها في حال محافظتها على مستويات فائدة متدنية.
تحذير صندوق النقد الدولي
وفرض الصراع بين إسرائيل وغزة نفسه على مناقشات اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي جرت في مراكش الأسبوع الماضي، إذ توقع الصندوق تأثيراً على اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط جرّاء هذا الصراع.
وحذر الصندوق من أن التأثير سيأتي مع استمرار ارتفاع أسعار النفط.