ظهرت بعض المخاوف في الآونة الأخيرة بشأن احتمالية اتجاه البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة إلى أزمة جديدة في 2024 بسبب تعثر شركات العقارات التجارية، فهل يواجه النظام المصرفي حقاً أزمة وشيكة؟
بدأ الأمر عقب أن أعلن بنك (نيويورك كوميونيتي بانكورب) عن خسارة مفاجئة قدرها 252 مليون دولار في الربع الأخير من عام 2023، مقارنة بربح بلغ 172 مليون دولار في الربع ذاته من عام 2022.
كما أعلن البنك المتعثر عن خسائر قروض بقيمة 552 مليون دولار، وهي زيادة كبيرة من 62 مليون دولار في الربع السابق، ما دفع وكالة (فيتش) إلى خفض التصنيف الائتماني للمقرض، متوقعة تأثر ربحية البنك في عام 2024.
وقال أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة VI Markets في مصر، لـ«CNN الاقتصادية»، «كان تعثر شركات العقارات التجارية سبباً في ظهور أزمة بنك نيويورك كوميونيتي، وتوسعت الأزمة خارج أميركا، إذ طالت بنك أزورا الياباني، كما انتقلت إلى بنوك أخرى في الاتحاد الأوروبي».
وأوضح أحمد معطي، أن العقارات التجارية شهدت طفرة كبيرة قبل عام 2020، ولكن ضغطت جائحة كورونا على المستثمرين لينتقلوا بعيداً عن هذا القطاع، ما زاد حجم الديون المستحقة للقطاع حتى عام 2025 بما يتجاوز 560 مليار دولار، والآن يواجه مخاطر الفشل في سداد الديون.
وواجهت نحو 12 شركة عقارات تجارية أميركية حالات تعثر عن سداد الديون في ديسمبر كانون الأول 2023، فضلاً عن ثماني شركات في الاتحاد الأوروبي في الشهر ذاته، وهو أعلى رقم للشركات المتعثرة منذ الأزمة المالية 2008.
هل تواجه البنوك الكبرى أزمة مماثلة؟
لفت أحمد معطي إلى أن نتائج أعمال البنوك في الربع الأخير من 2023 كانت متراجعة بضغط من مستويات أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة أعلى خمسة في المئة، فضلاً عن الضغوط القادمة من القطاع العقاري التجاري.
وعلى الرغم من ذلك، يرى معطي أن الخوف الأكبر هو على البنوك الإقليمية الصغرى وليست البنوك الكبيرة، مشيراً إلى أن إجمالي حصة القروض العقارية ضمن محفظة البنوك الكبرى تصل إلى نحو 6.7 في المئة فقط، مقابل حصة تتجاوز 28 في المئة في البنوك الصغرى، لذا فالأخيرة هي المعرضة بشكل أكبر للأزمات المالية.
هل نتجه إلى أزمة مالية تطول النظام المصرفي الأميركي؟
لا تزال المخاوف بشأن انهيار البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة أضعف من اعتبارها أزمة مالية تهدد استقرار النظام المالي، خاصة أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ووزارة الخزانة الأميركية أكدا استعدادهما للتصدي لهذه الأزمة.
وقال أحمد معطي، الخبير الاقتصادي لـ«CNN الاقتصادية»، «الإدارة الأميركية كانت واضحة وقت أزمة سيليكون فالي بأنها تعلمت من أزمة 2008، واستطاعت الحفاظ وقتئذ على ودائع العملاء، وبالتالي ليس هناك خوف للدرجة، خاصة أن التعثر يرتبط ببنوك صغيرة».
وأضاف، «عادة ترتفع أسعار الذهب بشكل قوي مع تزايد مخاوف المستثمرين بشأن الأزمات المالية باعتباره ملاذاً آمناً، ولكن ما شهدناه هذه المرة هو هبوط لأسعار الذهب، ما يشير إلى عدم وجود مخاوف كبيرة بين المستثمرين».
كما أشار إلى أن احتمالية اتجاه الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة هذا العام تحدُّ أيضاً من هذه المخاوف، نظراً لأن ارتفاع أسعار الفائدة كان أحد الأسباب التي ضغطت على القطاع العقاري التجاري ومن ثم تعرُّض البنوك الصغيرة للإفلاس في الولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم.
ومع ذلك، حذر معطي من أن استمرار الأزمة العقارية والتعثرات المالية لفترة كبيرة وانتشار العدوى بين البنوك قد يهدد بظهور أزمة ترتبط بالمصارف الأميركية.