تراجع الين الياباني إلى أدنى مستوياته أمام الدولار منذ 34 عاماً مسجلاً 151.975 ين لكل دولار، لتفقد العملة اليابانية أكثر من 7 في المئة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام، وحذّر وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي من اتخاذ «إجراء حاسم» لوقف نزيف الين، وهي العبارة نفسها التي استخدمها في أواخر عام 2022 قبل تدخل السلطات النقدية لشراء العملة المحلية.
كانت العملة اليابانية قد سجّلت أدنى مستوياتها في نهاية العام الماضي، عندما انخفضت إلى 145.9 ين مقابل الدولار في أكتوبر تشرين الأول 2023 وتدخلت البلاد لدعم عملتها بنحو 9.1 تريليون ين (65 مليار دولار).
وقال الوزير سوزوكي إن السلطات قد تتخذ “خطوات حاسمة”، وهي عبارة استخدمت في السابق قبل تدخل حكومي في السوق لوقف تراجع العملة.
ويصب انخفاض الين في مصلحة المصدِّرين لأنه يزيد من قيمة الأرباح التي تحققها الشركات خارج البلاد بالين عند تحويلها إلى اليابان.
وعقب اجتماع بنك اليابان مع وزارة المالية ووكالة الخدمات المالية، قال ماساتو كاندا، نائب وزير المالية للشؤون الدولية، يوم الأربعاء، إن تحركات الين تتم مراقبتها عن كثب وبشكل مستمر.
وأضاف أن التقلبات الأخيرة التي وصلت إلى 4 في المئة خلال أسبوعين لا تعتبر تغييرات طفيفة.
تشير تعليقات سوزوكي وتحركات الين إلى وجود احتمالية أكبر للتدخل الحكومي لدعم العملة اليابانية، وهو ما قد يؤدي إلى المزيد من التغييرات، كما أشار المحللون.
وقال جاي ميلر، كبير استراتيجيي السوق في مجموعة زيورخ للتأمين: «لقد شهدنا تدخلاً في العديد من البلدان على مر السنين، وفي حين ينجح ذلك على المدى القصير جداً، فأنت بحاجة إلى رؤية العملة نفسها تغير اتجاهها بشكل أساسي».
وقال كريستوفر وونغ، الخبير الاستراتيجي في العملات لدى (أو.سي.بي.سي) في سنغافورة «أعتقد أن خطر التدخل لدعم العملة مرتفع للغاية، وبالنظر إلى التحذيرات حتى الآن، أعتقد أنه إذا لم تتحرك طوكيو، فإنها ستشجّع الناس على الدفع (بتداول الدولار مقابل الين) إلى مستوى أعلى بكثير في الأيام القليلة المقبلة».
الأسهم اليابانية
على الجانب الآخر، أسهم ضعف العملة اليابانية في زيادة النشاط السياحي في البلاد وتعزيز أداء سوق الأوراق المالية، إذ قفز مؤشر نيكاي الياباني بنسبة واحد في المئة تقريباً يوم الأربعاء.
وقال تقرير بحثي عالمي صادر عن بنك أوف أميركا إن التدخل يعد «خياراً واقعياً» بالنسبة للحكومة اليابانية، لكن هذا قد لا يعالج المخاوف طويلة الأجل.
وأضاف التقرير: «نظراً لأن انخفاض الين هو نتيجة لمزيج من تدفقات رأس المال الهيكلي إلى الخارج وارتفاع قيمة الدولار الأميركي أمام الين الياباني، وليس فقط المضاربة، فإن التدخل في سوق العملات لن يكون حلاً أساسياً».
ويتسبب الين الضعيف في زيادة الضغط على العملات الآسيوية المنافسة الأخرى، خاصة اليوان الصيني، الذي عاود انخفاضه مرة أخرى.
تأثير تراجع الين على الاقتصاد الياباني
يأتي ارتفاع الدولار مقابل الين في إطار صعود العملة الأميركية مقابل معظم العملات الرئيسية الأخرى، وارتفع مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس أداء العملة مقابل ستة عملات أخرى، بما في ذلك الين، بنسبة 0.1 في المئة إلى 104.39 نقطة، أي أقل قليلاً من المستوى القياسي الذي سجله يوم الجمعة عندما بلغ 104.4 نقطة، الأعلى منذ خمسة أسابيع.
من جهته، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن البنك المركزي سيراقب عن كثب تحركات العملة وتأثيرها على التطورات الاقتصادية والأسعار.
وقال أويدا للبرلمان رداً على سؤال عن الانخفاضات الحادة التي شهدها الين في الآونة الأخيرة «تحركات العملة من العوامل التي لها تأثير كبير على الاقتصاد والأسعار».
وأكد محافظ بنك اليابان إنه من المهم دعم الاقتصاد بسياسة نقدية تيسيرية في الوقت الحالي؛ ومن شأن ضعف الين جعل الواردات أكثر تكلفة، فضلاً عن رفع التضخم وتقليل عائدات الصادرات لرابع أكبر اقتصاد في العالم.
واستمر انخفاض الين بلا توقف منذ أن رفعت اليابان أسعار الفائدة الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ عام 2007، ما يمثّل تحولاً تاريخياً في السياسة النقدية.
وتشمل العوامل التي تؤثر على الين استخدامه في صفقات الشراء بالاقتراض، إذ يقترض المستثمرون بعملة ذات أسعار فائدة منخفضة مع استثمار العائدات في عملة ذات عائد أعلى، ويمكن للمستثمرين اليابانيين أيضاً الحصول على عوائد أقوى بكثير في الخارج، ما يحرم الين من الدعم من التدفقات العائدة إلى البلاد.