توقّع رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، بيتر كيوي، في تصريحات لـ«CNN الاقتصادية» ارتفاع قيمة الاحتياجات الإنسانية في السودان إلى مثلي ما كانت عليه قبل الاشتباكات الأخيرة في منتصف أبريل نيسان لتصل إلى 3.4 مليار دولار.

وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» المساعدات الإنسانية للسودان بنحو 1.7 مليار دولار في ديسمبر كانون الأول الماضي.

وقال كيوي في مقابلة إن الأزمة «قد تَضاعف مبلغ الاحتياجات لأكثر من ضعفي خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023».

لم يتعافَ الاقتصاد السوداني من الأزمات المتلاحقة التي ألمّت بالبلاد خلال السنوات الماضية، وخصوصاً بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير وما تلا ذلك من جائحة كورونا وتأثيرها على الاقتصاد المحلي والعالمي ثم أحداث أكتوبر تشرين الأول 2019 وتولي رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان الحكم ثم الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية.

وأدى تراكم هذه العوامل إلى ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته على الإطلاق إلى 359.1 في المئة في عام 2022.

وعلى الرغم من ذلك، توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد السودان نموًا بنسبة 1.2 في عام 2023 بعد انكماش اقتصادي لسنوات.

وقال كيوي إن الحرب «ستعيد السودان إلى الخلف على الرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت على مر السنوات الماضية مثل تعزيز التماسك الاجتماعي بين المجتمعات المختلفة، والذي تدمر تماماً بعد هذه الاشتباكات».

وأضاف «مقابل كل خطوة أخذناها على صعيد تلبية (متطلبات) الاستجابة الإنسانية، تراجعنا عشر خطوات إلى الوراء بسبب الأزمة الاقتصادية».

وأوضح أن الكثير من أنشطة وكالات الأمم المتحدة في مناطق الصراع المستمر في ولايتي الخرطوم ودارفور توقفت، مضيفاً أن «ولايتي دارفور وكردفان شهدتا اشتباكات قبل الأزمة الحالية، وكانتا قبل ذلك مناطق معرضة للخطر في خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2023».

تهديد الأمن الغذائي السوداني

يواجه أكثر من ثلث السكان انعدام الأمن الغذائي الحاد، بحسب برنامج الأغذية العالمي، ما يجعله أحد أكثر مجالات الدعم إلحاحاً.

في 2022، قدرت الأمم المتحدة احتياجات الأمن الغذائي في السودان بمبلغ 437.9 مليون دولار لعام 2023.

ونتيجة للاشتباكات أُغلقت العديد من محلات البقالة والمخابز والمطاحن، ما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، كما نُهبت المساعدات الغذائية من مخازن المنظمة الدولي للهجرة ومفوضية شؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي وغيرها من المنظمات الدولية غير الهادفة للربح، وفقاً لما قال كيوي ومسؤول بارز في الأمم المتحدة لـ«CNN الاقتصادية».

وأشار كيوي إلى أن الأزمة الاقتصادية التي كان يمر بها السودان قبل الصراع الأخير أضعفت أكثر القدرة الاقتصادية للأفراد وتسبّبت في أزمة حادة تهدد بالتفاقم في معظم السلع الأساسية مثل الوقود والسلع المنزلية والغذاء.

وقال كيوي «معظم الناس في السودان معرضون للخطر الشديد واضطروا إلى خفض عدد الوجبات التي يتناولونها يومياً بسبب نقص الموارد الغذائية»، مضيفاً «ليس هناك ما يكفي من الدعم المالي لرفع معدل الأمن الغذائي، ما يدفع المجتمع المحلي نحو المزيد من العداء، مع زيادة المنافسة لتأمين الاحتياجات الأساسية».

ويتوقع أحدث تقرير لبرنامج الأغذية العالمي أن يزداد عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان إلى ما بين مليونين و2.5 مليون في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، ما سيتسبب في انعدام القدرة الاقتصادية لأكثر من 42 في المئة من الشعب السوداني.

واعتباراً من مارس 2023، لم تستطع 14.8 مليون أسرة تحمل تكلفة سلّة الغذاء المحلية، وفق ما أورد برنامج الأغذية العالمي في تقريره.

وتوقع التقرير أن يرتفع سعر سلة الغذاء المحلية في حال استمرار النزاع الحالي بنسبة 25 في المئة خلال ثلاثة إلى ستة أشهر مقبلة ما سيؤثر على أكثر من 18 مليون أسرة.