تضخمت أسعار المواد الغذائية على مدار السنوات الأخيرة للعديد من الأسباب، أبرزها جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، ثم جاءت درجات الحرارة الشديدة هذا الصيف لتتفاقم المشكلة.

ومن المعروف أن أسعار المواد الغذائية عادة ما تشهد تقلبات مع تغير المواسم، لكن المستويات الاستثنائية من الحرارة والجفاف التي ضربت أوروبا والولايات المتحدة وآسيا وغيرها من المناطق حول العالم هذا الصيف تسببت في ضعف وتلف العديد من المحاصيل.

وفي تقريره الأخير، دعا المنتدى الاقتصادي العالمي القطاع المالي لتوجيه المزيد من الموارد لمساعدة قطاع الأغذية والزراعة ليصبح أكثر استدامة، مشيراً إلى تأثر قائمة طويلة من المحاصيل الزراعية بسبب تغير المناخ، وعلى رأسها الزيتون و الأرز وفول الصويا.

زيت الزيتون

تلفت أشجار الزيتون بسبب طول فصل الصيف الحار والجاف في معظم مناطق البحر المتوسط، ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار زيت الزيتون إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.

وارتفع متوسط ​​درجات الحرارة في بلدان مثل إسبانيا، التي تُصنف كواحدة من أهم منتجي زيت الزيتون في العالم، بنحو 2.5 درجة مئوية، وأحياناً أربع درجات مئوية في الفترة من أبريل نيسان 2022 حتى مايو أيار 2023​.

تزامن ذلك مع استمرار انخفاض هطول الأمطار لأكثر من عام؛ ما تسبب في جفاف شديد، على سبيل المثال في إقليم الأندلس بجنوب إسبانيا، حيث انخفض مخزون خزانات المياه إلى نحو 25 في المئة من سعتها.

أدى كل ذلك إلى انخفاض كبير في حجم مخزون الزيتون مقارنة بالسنوات السابقة، ويتوقع تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أن يستمر الانخفاض حتى موسم الحصاد التالي.

الأرز

حذرت إيطاليا مؤخراً، والتي تزرع نحو نصف محصول الأرز في الاتحاد الأوروبي، بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، من أن إنتاج الأرز سينخفض مع دخول البلاد عامها الثاني من الجفاف، ما هبط بمحصول إيطاليا إلى أدنى مستوياته في 23 عاماً.

ولجأت الهند، أكبر مصدر للأرز في العالم، إلى حظر تصدير بعض فئات الأرز مثل الأرز الأبيض غير البسمتي والمكسور، ما أدى بدوره لخفض الشحنات الهندية إلى النصف تقريباً.

كما تدرس تايلاند إمكانية تنفيذ خطة طوارئ من المحتمل أن يكون لها تأثير على إمدادات الأرز العالمية، بسبب قلة محصولها مع انخفاض هطول الأمطار.

أدت هذه الأحداث إلى ارتفاع أسعار الأرز في آسيا إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عامين.

فول الصويا

لم ينجُ فول الصويا من آثار تغير المناخ الذي ضرب العالم، إذ شهدت منطقة الغرب الأوسط الأميركية أسوأ موجة جفاف منذ عام 2012، ما زاد قلق المزارعين بشأن المحاصيل.

وتواجه أميركا الجنوبية أيضاً عامها الثالث على التوالي من الجفاف الشديد، إذ تتوقع الأرجنتين انخفاض محصولها السنوي في عام 2023 بنسبة 44 في المئة عن متوسط السنوات الخمس السابقة.

وفي العام الماضي، أعلنت الأرجنتين حالة الطوارئ في العديد من المناطق بعد أن أدت الأضرار التي لحقت بمحاصيل مختلفة – تشمل القمح وفول الصويا والذرة – إلى خسائر تقدر بنحو 10.4 مليار دولار.

وعلى الرغم من استخدام زيت الصويا كعنصر أساسي في مجموعة متنوعة من المنتجات، فإن الغالبية العظمى من محصول فول الصويا في العالم تُستخدم كعلف للماشية.

ويمكن أن يتسبب النقص في علف الماشية أو تدني جودته في ارتفاع الأسعار، ما يؤدي بالمزارعين إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن تقليل أعداد القطيع أو إيجاد مصادر غذائية بديلة، وهذا بدوره قد يؤدي لرفع أسعار اللحوم ومنتجات الألبان.