من منفضة الغبار البسيطة إلى الملابس الفاخرة، تصنّع جنوب إفريقيا 70 في المئة من المنتجات التي يُستخدم فيها ريش النعام في العالم، وتحديداً في «عاصمة النعام في العالم» أوتشورن، ذات المناخ الجاف المثالي.

ويُرصد وجود كبير لهذا الطائر العملاق في كل شوارع أوتشورن، فلحوم الحيوان الحمراء الطرية تظهر في كل قوائم الأطباق، فيما تُعرض في واجهات المتاجر حقائب من جلد النعام.

تحدث ساغ يونكر إلى وكالة الأنباء الفرنسية، وقال إنه انخرط في هذا القطاع كـ«وسيط بيع» عندما كان يبلغ 22 عاماً، وبعد ستين عاماً بات يرأس مزرعة كبيرة تشكل أكبر شركة خاصة لتربية النعام وتسويقها في العالم، مع ذبحها نحو 45 ألف طائر في الموسم الواحد.

«عاصمة النعام» في جنوب إفريقيا لا تزال منتجاً من الوزن الثقيل للريش
يتجول النعام الذي لا يتجاوز عمره الأسابيع في حقل مسيج في إحدى مزارع بلدة أوتشورن الجنوب إفريقية. (أ ف ب)

ويقول «ننتج 60 في المئة من صغار النعام في المنطقة»، وفي المفرخ يُسمع صراخ مئات من طيور النعام المولودة حديثاً فوق الصوت الناعم لفقس البيض، وباستخدام خبرته يفتح العامل الأدراج التي يتم التحكم في درجة حرارتها ويسحب بضع قطع من قشرة البيض، فيبرز منقار صغير رقيق وعين لا تزال مغمضة.

«عاصمة النعام» في جنوب إفريقيا لا تزال منتجاً من الوزن الثقيل للريش
صغار النعام ينظر من بيضته وهو يستعد للفقس في أوتشورن، جنوب إفريقيا. (أ ف ب)

تنتج النعامة البالغة نحو كيلوغرام من الريش الذي يخضع للتعقيم والفرز، أما أكثر الأنواع طلباً فهي ذات اللونين الأسود والأبيض، إذ تُباع في مختلف أنحاء العالم وتُستخدم في مجالات عدة من أزياء راقصات مولان روج وصولاً إلى كرنفال ريو ودور الأزياء الراقية.

يقول بيتر ليبنبرغ، البالغ من العمر 52 سنة، رئيس قسم الريش في شركة «كيب كارو انترناشونال»، إحدى الشركات البارزة في السوق «تبرز منتجاتنا بشكل كبير» على السجادة الحمراء في أمسية ميت غالا في نيويورك، وفي مصنع المعالجة في أوتشورن يتولى مئتا عامل فرز الريش وتقطيعه وغسله وصبغه بمئات الألوان.

«عاصمة النعام» في جنوب إفريقيا لا تزال منتجاً من الوزن الثقيل للريش
يتولى العمال فرز الريش وتقطيعه وغسله وصبغه بمئات الألوان. (أ ف ب)

وتحت صور عروض أزياء لـ«بالمان» و«باكورابان» و«جان بول غوتييه» تعمل نحو عشر خياطات يرتدين بزات وردية على قطع دقيقة، وتبيع الشركة نحو مئة طن من الريش سنوياً، بحسب بيتر ليبنبرغ.

«عاصمة النعام» في جنوب إفريقيا لا تزال منتجاً من الوزن الثقيل للريش
عاملة من «كيب كارو» تعمل ضمن خط إنتاج ريش النعام. (أ ف ب)

العصر الذهبي لبارونات النعام

في بداية القرن العشرين كان ريش النعام رابع أكبر صادرات جنوب إفريقيا، وفي أوروبا كانت القبعات المزينة بالريش الفاخر هي السائدة في عالم الموضة.

وحقق عشرات من «بارونات النعام» ثروات، وكان سعر الريش من حيث الوزن ينافس سعر الذهب، وفي عام 1911 قدم مربّو النعام لملكة إنجلترا مروحة منسوجة بالريش الأبيض، كدلالة على ازدهارها.

«عاصمة النعام» في جنوب إفريقيا لا تزال منتجاً من الوزن الثقيل للريش
يتولى العمال فرز الريش وتقطيعه وغسله وصبغه بمئات الألوان. (أ ف ب)

ولكن بعد ثلاث سنوات انهار هذا النشاط، إذ تزامنت الحرب العالمية الأولى وتعطيلها للتجارة البحرية الدولية مع انتشار السيارات، ويقول ليبنبرغ «كان من المستحيل ركوب سيارة مكشوفة بقبعة مزينة بالريش».

وعلى مر العقود عاود القطاع الازدهار من خلال التركيز تحديداً على منتجات أخرى كالجلود الفاخرة واللحوم وحتى البيض.

«عاصمة النعام» في جنوب إفريقيا لا تزال منتجاً من الوزن الثقيل للريش
يخضع ريش النعام للتعقيم والفرز ضمن مراحل إنتاجه. (أ ف ب)

ويقول ليبنبرغ إنّ الريش «يعاود الازدهار دائماً»، مشيراً إلى «أسعار ممتازة» لعمليات بيع «منتجات مرتبطة بالموضة والكرنفالات وإزالة الغبار».

وخلال جائحة كوفيد 19، انهار مجال العروض لكنّ الطلب على منافض الغبار «ارتفع كثيراً»، ويقول «كان جميع الأشخاص الذي يلزمون منازلهم يرغبون في تنظيفها».