يمثل فانوس رمضان أهمية عميقة في الثقافة العربية، فهو ليس مجرد زينة، بل رمز تراثي يجسد البهجة والروحانية المرتبطة بشهر رمضان، ويعود تقليد الفانوس لأكثر من ألف عام ويضفي أجواءً من الفرح والسمو الروحي ويعزز الشعور بالانتماء ويحافظ على الهوية الثقافية عبر الأجيال.
لكن رغم شعبيته، لم ينجُ الفانوس من تداعيات الأزمات الاقتصادية والصراعات في المنطقة، ففي مصر أدى ارتفاع أسعار السلع إلى زيادة في أسعار الخامات المحلية والمستوردة، ما جعل سعر أصغر فانوس تقليدي يصل إلى 120 جنيهاً، لكن التجار يأملون في انتعاش الأعمال وعودة المشترين إلى السوق.
وقال محمد فرج، وهو تاجر فوانيس في القاهرة، في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إنه رغم ارتفاع الأسعار هذا العام، فلا يزال المشترون يبحثون عن المنتج.
وقال «في الأسواق الآن أسعار الفوانيس تبدأ من 120 جنيهاً، وبعضها يصل إلى 3000 جنيه، حسب النوع والحجم والتصميم».
لكن ياسمين حسن، التي تبلغ 26 عاماً وتسكن في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، قالت لـ«CNN الاقتصادية»، «أصبح من الصعب شراء الفوانيس هذا العام لأنها الآن في متناول الأسر الثرية فقط».
وأضافت «أعجبني فانوس السنة الماضية وسألت عن سعره الذي كان 450 جنيهاً، اعتقدت أنه باهظ الثمن وقررت عدم شرائه، والآن سألت عن الفانوس نفسه، وقيل لي إن سعره أصبح 900 جنيه مصري».
لماذا زيادة الأسعار؟
بعد الحرب الروسية الأوكرانية، بدأ بعض التجار الذين يستوردون البضائع يرفعون أسعار سلع، ولكن ينبغي ألا يكون هذا هو الحال بالنسبة للفوانيس لأنها صناعة محلية.
واستفسرت ياسمين عن هذه الزيادة في الأسعار، وقال تجار في القاهرة إن من الخطأ القول إن فوانيس رمضان أصبحت حكراً على الطبقة الغنية، مصرين على أنها في متناول جميع الطبقات.
ويقول فرج «من الطبيعي أن تكون الأسعار مرتفعة هذا العام، لكنها لا تزال في متناول جميع الفئات، بعض الفوانيس تكون مصنوعة من قماش الخيمة بسعر يتراوح من 50 إلى 200 جنيه حسب الحجم، وهناك أيضاً فوانيس صينية تعزف أغاني رمضان، بأسعار تتراوح بين 120 جنيهاً و200 جنيه».
وتباع الفوانيس البلاستيكية ما بين 10 جنيهات و145 جنيهاً، أما الفوانيس الخشبية البيضاء فتتراوح أسعارها من 90 جنيهاً إلى 300 جنيه حسب الحجم، بحسب معلومات البائعين.
وقال فرج إن فوانيس رمضان المعدنية الصغيرة والمتوسطة تتراوح أسعارها بين 130 و250 جنيهاً، بينما تتراوح أسعار الفوانيس الكبيرة المصنوعة من المعدن أو النحاس بين 550 و3000 جنيه، أما أحدث صيحات هذا العام فهي طرح الفوانيس المصنوعة من الكريستال والأكريليك، بأسعار تتراوح من 200 جنيه إلى 390 جنيهاً.
وأوضح رئيس شعبة الألعاب والهدايا بالغرفة التجارية بالقاهرة بركات صفا، أن ارتفاع الأسعار ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار السلع وأزمة العملة الأجنبية.
وأضاف صفا أن النقص في الفوانيس يعود إلى التراجع التدريجي للإنتاج الذي بدأ خلال شهر رمضان 2022، وتأثرت المصانع بارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة المستلزمات المستوردة، وقد تفاقمت هذه التكاليف بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة التضخم.
وقال صفا «في رمضان 2023 و2024، واجه تجار ومصنعو الفوانيس المصريون خسائر بسبب انخفاض أنشطة الشراء الناجمة عن التضخم، ما أدى إلى انخفاض الاهتمام بالفوانيس».
واختتم بالقول إن ما بين 60 و70 في المئة من المصنعين تخلوا عن الإنتاج هذا العام واستخدموا مخزون العام السابق لتجنب الخسائر.
الأردن.. حرب غزة تؤثر على الطلب
في الأردن، شهد الطلب على زينة رمضان ومنها الفوانيس تراجعاً واضحاً بسبب حرب غزة.
وعادة ما تؤدي الروح الاحتفالية لشهر رمضان إلى موجة من النشاط، حيث تستعد العائلات بفارغ الصبر للشهر الكريم من خلال تزيين منازلهم بزخارف نابضة بالحياة.
وقال بائع في أحد المتاجر يُدعى نضال وهبة لوكالة «رويترز» إن المبيعات ظلت مستقرة منذ ما بعد جائحة كورونا «وكان طلب الناس العام الماضي جيداً لأن الكثير من الناس يريدون الاحتفال بشهر رمضان بالزينة».
ولكن الأوضاع تغيرت هذا العام، وتقول آلاء، وهي ربة منزل تبلغ 48 عاماً، لـ«رويترز» إن هناك فرقاً كبيراً بين رمضان الماضي ورمضان هذا العام، إذ تهيمن مشاعر تضامن الأردنيين مع أهل غزة على المشهد.
ويتردد أصداء حرب غزة بعمق داخل المجتمعات العربية، ما يعيد توجيه التركيز والموارد نحو جهود التضامن ودعم المتضررين من الصراع، ونتيجة لذلك تضاءلت الحماسة المعتادة لشراء زينة رمضان، فيما يعيد الأفراد توجيه انتباههم ومواردهم نحو اهتمامات أكثر إلحاحاً.
وتقول آلاء «كيف نزين بيوتنا بالأضواء والزينة وإخوة لنا يبادون ويجوعون أمام أعيننا، وبما أننا لا نستطيع عمل شيء فعلى الأقل يجب أن نتضامن معهم، بدل شراء الزينة يجب أن نتبرع لمساعدة أهالي غزة الذين هم بأمسّ الحاجة لأي قرش».