ارتفعت أسعار الذهب لمستوى قياسي يوم الخميس تأثراً بتراجع الدولار وعائدات السندات، بعد أن أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على توقعاته لثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام.
وفي بداية التعاملات، قفز المعدن الأصفر لقمة غير مسبوقة مسجلاً 2222.39 دولار للأوقية، قبل أن يهدأ قليلاً ليصل إلى 2208.30 دولار للأوقية في الساعة 07:25 بتوقيت غرينيتش، وقفزت العقود الأميركية الآجلة للذهب بـ2.3 في المئة إلى 2211 دولاراً للأوقية.
وجاءت مكاسب الذهب بعد تراجع الدولار لأدنى مستوياته خلال أسبوع مقابل منافسيه بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء بالإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير، وإشارته لاحتمالات خفض الفائدة ثلاث مرات خلال العام الجاري.
ومن المعروف أن الفائدة المرتفعة تدعم قوة الدولار ما يزيد الإقبال عليه في الأسواق، في المقابل يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تقليل جاذبية الدولار وتعزيز الإقبال على المعدن الأصفر الذي يصبح أرخص بالنسبة للمشترين بعملات أخرى.
وعادة ما تتأثر تحركات الذهب باتجاه الفائدة الأميركية، فماذا ينتظر المعدن الأصفر في 2024؟
العوامل المؤثرة على الذهب في 2024
في حديث مع “CNN الاقتصادية”، قال أحمد أسامة -كبير المحللين الاقتصاديين في شركة إيفست- إن أكثر ما يهم الأسواق هو عدد مرات خفض الفائدة التي سيقررها المجلس هذا العام، مشيراً إلى أن خفض الفائدة ثلاث مرات هذا العام سيفتح مساراً صعودياً للذهب حول مستوى القمة الذي تجاوزه مؤخراً.
وحدد أسامة أربعة عوامل أخرى تؤثر على اتجاهات الذهب في عام 2024، أبرزها التوترات الجيوسياسية التي تزيد الإقبال على المعدن الأصفر كوعاء استثماري أكثر أماناً، لافتاً إلى استمرار الحرب في غزة واشتداد الصراع الروسي الأوكراني الذي ازداد حدة بشكل ملموس في الفترة الأخيرة.
أما العامل الثاني، فيتمثل في تغيير السياسات النقدية للبنوك المركزية على مستوى العالم، فخلال السنوات الأخيرة كانت معظم البنوك الكبرى -مثل البنك المركزي الأوروبي و بنك إنجلترا ومجلس الاحتياطي الاتحادي- تميل للتشديد النقدي، وبالتالي كان المستثمرون يعتمدون بشكل أكبر على الفوائد المرتفعة التي تمنحها البنوك.
لكن مع توجه تلك البنوك نحو خفض الفائدة هذا العام، قد يفضل المستثمرون الاتجاه إلى الذهب من جديد كأداة استثمارية جيدة، وبالتالي قد نشهد صعوداً قوياً للأسعار في حالة انتهاء البنوك المركزية من سياسة التشديد النقدي، بحسب أسامة.
الطلب الكبير على الذهب
أوضح أسامة أن العامل الثالث المؤثر على حركة الذهب هو الطلب الكبير الذي شهده المعدن الثمين العام الماضي -خاصة من الصين– والذي لم يكن متوقعاً، فالطلب القوي أثر على كمية المعروض في الأسواق وخلق فجوة بين العرض والطلب، فعملية إنتاج الذهب تستغرق وقتاً، وبالتالي لم تتمكن معدلات الإنتاج من مواكبة مستوى الطلب المتزايد، وهذا النقص في المعروض قد يؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة الأسعار.
أما العامل الرابع والأخير، فيتمثل في مدى إقبال البنوك المركزية على زيادة احتياطاتها الذهبية هذا العام.
فوفقاً لمجلس الذهب العالمي، قفزت أسعار الذهب بنحو 15 في المئة خلال عام 2023 بسبب الاضطرابات الجيوسياسية والطلب المتزايد عليه من قبل البنوك المركزية.
وأوضح أسامة أن انتهاء البنوك المركزية من فترة التشديد النقدي قد يجعلها أكثر إقبالاً على الذهب كأداة استثمارية جيدة.
وأشار إلى أن الحالة الوحيدة التي قد نرى فيها انخفاضاً للأسعار هي عدم قيام البنوك المركزية بخفض الفائدة هذا العام على النحو المتوقع، وفي هذه الحالة قد تشهد الأسواق حركة تصحيح طبيعية، خاصة أن الذهب حالياً يتداول عند أعلى مستوياته التاريخية.