تضاعفت أسعار الكاكاو منذ بداية العام، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 9010.59 دولار للطن في سوق السلع الأساسية في نيويورك في الأسبوع الثاني من شهر فبراير شباط.
وأسهمت عوامل مثل الظروف الجوية غير المواتية والتهريب ومرض تورم البراعم في ارتفاع الأسعار، ما أدى إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل في ساحل العاج، التي تنتج ما يقرب من 40 في المئة من حبوب الكاكاو في العالم، وفي غانا التي تنتج 20 في المئة.
ومع اعتماد صانعي الشوكولاتة في جميع أنحاء العالم على غرب إفريقيا للحصول على الكاكاو، فهناك قلق كبير بشأن تأثير ذلك على أسعار الشوكولاتة وسبل عيش المزارعين، وفقاً لتاجر الكاكاو مارتن برون.
وكانت عملاق صناعة الشوكولاتة هيرشيز قد حذَّرت من أن ارتفاع أسعار الكاكاو لمستويات غير مسبوقة قد يقلص بشدة إيراداتها لهذا العام، وقالت الشركة إنها ستستخدم كل أداة متاحة لها، بما في ذلك التسعير، لتحجيم هذه التداعيات، بينما لجأت شركات أخرى مثل مارس إلى تقليص حجم منتجاتها أو تقليل كمية الكاكاو المستخدمة في منتجاتها، في مسعى منها لتوفير النفقات.
العوامل المؤثرة
تؤثر ثلاثة عوامل حالياً على أسعار الكاكاو وهي البيئة، والدورة الاقتصادية، والبشرية.
وأوضح برون أن أحد العوامل البيئية هو تأثير ظاهرة النينيو الجوية التي تسببت في طقس أكثر جفافاً في غرب إفريقيا، ما أسهم في تفشي المشكلات في المزارع، مثل فيروس تورم البراعم، ونتيجة لذلك؛ فقدت غانا محاصيل نحو 500 ألف هكتار في السنوات الأخيرة، بحسب بيانات مجلس الكاكاو الغاني (كوكوبود)، المنظم لقطاع الكاكاو في البلاد.
وتشير الدورة الاقتصادية لإنتاج الكاكاو إلى أنماط التوسع والانكماش المتأصلة في زراعة الكاكاو، وأضاف برون أنه مع تقدم أشجار الكاكاو في العمر، تصبح عرضة للأمراض، ما يتطلب تكاليف علاج باهظة.
وتاريخياً، كان المزارعون يميلون إلى التخلي عن المزارع القديمة والبدء من جديد في الغابات الطازجة ولكن من الصعب الآن العثور على غابات جديدة، ويتضمن العامل البشري تحديات مثل التعدين غير القانوني، الذي انتشر في العديد من المزارع في غانا، وفي بعض الأحيان يقوم المزارعون بتأجير أراضيهم لعمال المناجم غير الشرعيين مقابل المال.
وتؤدي أنشطة التعدين هذه إلى تدهور جودة الأرض، ما يجعلها غير مناسبة لزراعة الكاكاو، ويقول جو يرق رئيس قسم الأسواق العالمية في «Cedra Market»، «هذا ليس موسم الحصاد الأول الذي نعاني فيه من النقص، بل هو الموسم الرابع».
خلف الكواليس
تنمو السوق العالمية للشوكولاتة ومنتجات الشوكولاتة بوتيرة سريعة قد تصل إلى أسرع من 4 في المئة سنوياً على مدى السنوات القليلة المقبلة، بحسب بلومبيرغ.
وفي فبراير شباط 2024، حصل مجلس الكاكاو الغاني على قرض من البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار أميركي لإعادة تأهيل المزارع المتضررة من فيروس براعم الكاكاو المنتفخة.
وسيتولى المجلس إدارة المزارع المصابة بالمرض، وإزالة أشجار الكاكاو المصابة واستبدالها، ورعاية المزروعات الجديدة حتى مرحلة الإثمار قبل إعادتها إلى المزارعين.
وفي عام 2018، استخدم المجلس جزءاً من قرض بقيمة 600 مليون دولار من بنك التنمية الإفريقي لإعادة تأهيل المزارع القديمة وتلك المتضررة من الأمراض.
ومع بداية موسم الحصاد الحالي في أكتوبر تشرين الأول، تم رفع أسعار المنتجين، بحيث يحصل المزارعون على أجور أعلى، وهي الخطوة التي أصبحت حتمية بسبب ارتفاع الأسعار العالمية.
كما أنشأ مجلس الكاكاو فرقة عمل لحماية مزارع الكاكاو من الآثار الضارة للتعدين، وتعاون مع الشرطة لوقف تهريب الكاكاو إلى البلدان المجاورة، وخاصة تلك التي تقدم عملة أقوى.
أما في ساحل العاج، فلم يتم اتخاذ سوى إجراءات قليلة نسبياً، ويبدو أن الحكومة لا تزال تقيم الوضع.
ولكن كانت هناك تدابير للحد من تهريب الكاكاو، مدفوعة بحقيقة أن النقص يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في البلدان المجاورة، وتستفيد ساحل العاج من العديد من برامج الاستدامة التي أطلقتها الشركات المتعددة الجنسيات.
وأدى النقص الحالي إلى تسريع هذه المبادرات، ومن المؤسف أن بعض البرامج لا تكشف عن بياناتها، ما يجعل من الصعب على الأكاديميين الوصول إلى معلوماتها وتحليلها، وفي ظل هذه الزيادة العالمية في أسعار الكاكاو، تبرز الحاجة الماسة إلى حلول مستدامة تضمن عدالة الأسعار لمزارعي الكاكاو وتستجيب لتحديات الإنتاج.