في خضم تحول عالمي غير مسبوق في مجال الطاقة، يتوقع المحللون ارتفاعاً كبيراً في أسعار النحاس، وهو سلعة محورية في البنية التحتية ل لطاقة المتجددة ولتحقيق أهداف المستدامة.

وتتوقع أبحاث مؤشر «BMI Research» التابع لمؤسسة فيتش سولوشنز أن ترتفع أسعار النحاس بأكثر من 75 في المئة خلال العامين المقبلين وسط اضطرابات إمدادات التعدين وارتفاع الطلب على المعدن، مدفوعاً بالتوجه نحو الطاقة المتجددة.

وذكر التقرير أن ارتفاع الطلب يُنسب للتحول إلى الطاقة الخضراء والانخفاض المحتمل في الدولار الأميركي في النصف الثاني من عام 2024.

كما من المتوقع أن تؤدي عوامل مثل زيادة الطلب على السيارات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة والاتجاه الأوسع للكهرباء إلى دفع أسعار النحاس إلى 15 ألف دولار للطن.

ولوضع هذا في سياقه، أغلق النحاس عند 8,867 دولار خلال فترة الأشهر الثلاثة الماضية في بورصة لندن للمعادن.

ويُعزى هذا الارتفاع في الطلب إلى الدور الذي لا غنى عنه للمعدن في التقنيات الحيوية مثل الأسلاك الكهربائية والمحركات والبطاريات.

كما أدّت إعادة فتح الصين والنمو في صناعة السيارات وتحول الطاقة إلى زيادة الطلب على المعدن الأحمر، ما زاد الضغط على موارد النحاس.

معدن الكهرباء

ويُعرف النحاس -وهو موصل للكهرباء بدرجة عالية وبأسعار معقولة نسبياً- باسم «معدن الكهرباء».

ويستخدم في الأسلاك لمدة 200 عام، ولكنه يستخدم اليوم أيضاً في الكابلات والمحركات والبطاريات والمكونات الإلكترونية الضرورية للانتقال نحو الطاقة النظيفة.

ومن المتوقع أن يؤدي التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة إلى زيادة الطلب على النحاس بشكلٍ كبير في السنوات المقبلة، ويمكن أن يزيد الطلب إلى 50 مليون طن بحلول عام 2035، وفقاً لتوقعات ستاندرد آند بورز جلوبال، وسيكون أقوى طلب من أميركا والصين وأوروبا والهند.

وتتوقع ستاندرد آند بورز جلوبال أن إمدادات النحاس لن تكون قادرة على مواكبة الطلب بدءاً من عام 2025.

وقال نيل أتكينسون محلل الطاقة المستقل والرئيس السابق لقسم صناعة النفط والأسواق في وكالة الطاقة الدولية في حوار مع «CNN الاقتصادية» إن «من الممكن أن يؤدي الطلب الذي يفوق العرض إلى ارتفاع تكلفة الكهرباء، ما يؤدي إلى إبطاء تحول الطاقة في السنوات الحاسمة عندما يتعين عليها المضي قدماً بوتيرة سريعة لتحقيق الأهداف المناخية المتفق عليها».

النحاس في مأزق

فقد كان نمو المعروض من النحاس بطيئاً في السنوات الأخيرة، وفقاً لمجموعة دراسة النحاس الدولية، إذ بلغ إنتاج النحاس المستخرج عالمياً 21.8 مليون طن عام 2022، وهو ما يمثّل زيادة قدرها مليون طن فقط على مدى ثلاث سنوات.

ووجدت أبحاث غولدمان ساكس أن الموافقات التنظيمية لمناجم النحاس الجديدة تقل، بعد أن انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاماً.

وقال تاجر النحاس أرنولد موراي في مقابلة «CNN الاقتصادية» «هذا أمر مثير للقلق بشكل خاص، نظراً لأن المناجم يمكن أن تستغرق ما بين 10 و20 عاماً للموافقة عليها وتطويرها حتى لو تم عكس هذا الاتجاه غدا فإن فترة نمو أبطأ لتعدين النحاس قد بدأت بالفعل».

بينما تنسب ستاندرد آند بورز جلوبال اللوم على التركيز على العوائد قصيرة الأجل في الصناعة بسبب قلة الاستثمار في استخراج النحاس الجديد واستكشافه.

ووفقاً لمنتدى الطاقة الدولي، تواجه صناعة النحاس أيضاً ضغوطاً من زوايا عديدة: الحاجة إلى إزالة الكربون في حد ذاتها، عدم الاستقرار السياسي في العديد من البلدان التي توجد بها الألغام، والأضرار التي لحقت بسمعتها بسبب تاريخها المتعلقة بالسلامة والبيئة، مثل الانهيار المدمر لسد في منجم كوريغو دي فيجاو عام 2019.

وأوضح موري أن الصناعة تخضع الآن لتدقيق أكبر من قبل المنظمين ومجموعات المجتمع، حيث يعمل البعض بموظفين أقل، ما يبطئ العمليات وسط الاحتجاجات المحلية.