من منا لا يخطر بباله الذهب والمجوهرات كهدايا في فترة الأعياد؟ إنها تقاليد وعادات تكرست في ثقافة منطقتنا العربية وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من هذه الأعياد، لا سيما ونحن قادمون على مناسبة مثل عيد الأضحى.
لكن يبقى السؤال، هل لمثل هذه الحركة النشيطة، أن تلعب دوراً ما في رفع أسعار الذهب عالمياً؟
عيد الأضحى.. والإقبال على الذهب والمجوهرات
قال مازن سلهب، كبير استراتيجيي الأسواق في شركة «بي دي سويس» إنه على الرغم من ارتفاع النشاط في أسواق الذهب والمجوهرات في منطقتنا العربية، فإن حجم السوق لدينا وكذلك الطلب، محدود، وليس بمقدوره أن يترك تأثيراً على أسعار الذهب عالمياً.
وأضاف، «إن هذه الحركة قد نشهد فيها ارتفاعاً مؤقتاً في أسعار المجوهرات والذهب المشغول، لكن هذا الأمر يقتصر على أساليب التجار الطامحين بأرباح أكبر، ليس أكثر».
وأوضح في الوقت نفسه، أن الإقبال على المجوهرات والذهب في فترة الأعياد، يختلف أيضاً بحسب الجغرافيا، مفيداً بأن توجه الأفراد لمثل هذا الأمر في مصر وبلاد الشام مثلاً، مختلف عن سلوك الأفراد في دول الخليج لا سيما الإمارات، إذ إنه في الحالة الأولى يكون نوعاً ما من التحوط لتفادي خسائر تراجع العملة المحلية، أما في الحالة الثانية فالموضوع مختلف تماماً، وهدفه الأساسي التزين والتسوق بحد ذاته.
من جهته، قال جوزف ضاهرية، كبير استراتيجيي الأسواق في «تيك ميل» في حديث لـ«CNNالاقتصادية»، « يتأثر الطلب على الذهب بشكل ملحوظ خلال فترات الأعياد، هذا الارتفاع في الطلب يُعزى إلى العادات والتقاليد التي ترتبط بشراء الذهب كهدايا أو للاستثمار خلال هذه الفترة، وهذا يؤدي عموماً إلى ارتفاع في أسعار الذهب المحلية حصراً، في حين تختلف أسواق الذهب في مصر وأبوظبي في عدة جوانب، إذ تميل أسعار الذهب في الإمارات لتكون أقرب للأسعار العالمية بسبب اختلاف الضرائب والرسوم، بينما يركز السوق المصري على الطلب المحلي أكثر».
هل تصل أونصة الذهب إلى 3000 دولار؟
عوامل عدة تؤثر على أسعار الذهب عالمياً، أبرزها الدولار الأميركي، و أسعار الفائدة، وطلب البنوك المركزية التي تسعى لرفع احتياطياتها، بالإضافة إلى طلب المجوهرات والسلع الصناعية، وكذلك العرض والطلب في السوق وأيضاً كلفة الإنتاج التي تختلف من بلد إلى آخر.
والجدير بالذكر، أن أسعار أونصة الذهب ارتفعت بنحو 73 في المئة منذ يونيو حزيران 2019، حتى يونيو حزيران 2024، لتحصد مكاسب تفوق الألف دولار.
قال مازن سلهب، «لا أستبعد أن تبلغ أونصة الذهب ثلاثة آلاف دولار بحلول نهاية 2024 خصوصاً في حال اتجه الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيض الفائدة بشكل يفوق التوقعات» مفيداً بأنه في الوقت عينه «يبقى تراجع الذهب إلى ما دون 2000 دولار مرتبطاً بشكل وحيد وأساسي، بسيناريو تطبيق الفيدرالي سياسة نقدية في غاية التشدد، لكن الأمر مستبعد جداً».
بدوره، قال باس كويجمان، المدير التنفيذي في شركة «دي إتش إف كابيتال» لا نتوقع بلوغ أونصة الذهب 2500 دولار على المدى القصير، إلا في حال حدوث تصعيد إضافي في الشرق الأوسط.
وقدّر أن يتراوح سر الأونصة بين 2375 دولاراً و2400 دولار نهاية العام، لكنه لم يستبعد احتمال أن ينقلب السوق إلى الجانب الإيجابي وأن تتمكن الأسعار من الانتقال من 2500 بسهولة إلى 3000 دولار على سبيل المثال لأن الذهب يحب نمط الحواجز فيما يخص الأسعار، إذ إن تعدّيه مستوى 2500 دولار سيترك نوعاً من التفاؤل لدى المستثمرين والمتداولين.
أما جوزف ضاهرية، فقال إن إمكانية وصول الذهب إلى مستويات 2500 دولار خلال هذا العام ممكنة إذا توفرت الظروف الماكرواقتصادية، بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية التي من شأنها أن تدعم أسعار الذهب، موضحاً أنه إذا خفض الاحتياطي الفيدرالي مستويات الفائدة خلال هذا العام سيؤثر ذلك على عوائد السندات وسيزيد من الطلب على الذهب.
وأضاف كذلك، أنه إذا استمر الطلب على الذهب من البنوك المركزية إلى جانب عودة الطلب من السوق الصيني، واستمر السوق في التحوط من نتائج الانتخابات في أميركا وأوروبا، كلها عوامل من شأنها أن تدعم أسعار الذهب.
أسعار الفضة إلى أين؟
لا بد أن موضوع أسعار الفضة مرتبطة بشكل أساسي بالإنتاج الصناعي وخصوصاً التوجه الصيني لرفع إنتاجه من منتجات الطاقة الشمسية التي يلزمها الفضة بشكل رئيسي.
ومع العلم أن أسعار الفضة شهدت هذا العام مستويات مرتفعة تاريخية ملامسة 34 دولاراً، إلا أنها لم تفلح بكسر مستوى 35 دولاراً وارتدت إلى ما دون 30 دولاراً للأونصة.
قال باس كويجمان، إن بلوغ أسعار الفضة في السنتين المقبلتين 40 أو 50 دولاراً لن يكون أمراً مفاجئاً، وهو ما وافقه عليه كبير استراتيجيي الأسواق في «بي دي سويس» مازن سلهب، الذي أكد أن الدافع الوحيد لأسعار الفضة سيكون الطلب من الصين، وعدا ذلك، لن ترتفع الأسعار بشكل ملحوظ.
وكذلك، توجه باس كويجمان إلى المتداولين قائلاً «إن المعادن الأخرى مثل النيكل تشكل بدورها أصلاً مهماً للاستثمار ولجني الأرباح، مشيراً إلى أن النيكل ارتفع بنحو 30 في المئة منذ بداية العام الجاري».