توقع علي عوف، رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية المصرية، انخفاض مبيعات الدواء في مصر في الربع الثاني من العام الحالي لتصل إلى نحو 35 مليار جنيه (726.4 مليون دولار) بدلاً من نحو 50 مليار جنيه في الربع الأول من العام الحالي، وذلك بسبب نقص نحو 800 دواء من السوق المصرية.
وأرجع عوف المشكلة في حديثه مع CNN الاقتصادية إلى «تغيير سعر الصرف وزيادة أسعار الوقود والكهرباء وقرار زيادة الحد الأدنى للمرتبات.. فكلها عوامل تؤدي إلى رفع التكلفة والشركات لا تستطيع زيادة سعر الدواء للمستهلك دون تصريح من هيئة الدواء المصرية وهو أمر يستغرق بعض الوقت».
يجرم القانون في مصر تسعير العقاقير بشكلٍ حر، إذ تقوم شركات الدواء بتقديم ما يفيد تكلفة إنتاج كل عقار إلى هيئة الدواء المصرية التي تقوم بدورها بتشكيل لجنة حكومية من جهات عدة لمراقبة ميزانية إنتاج الأدوية المقدمة من الشركات المنتجة ثم تقوم بالموافقة أو الرفض.
وهزت اضطرابات المشهد الاقتصادي في مصر صناعة الدواء نتيجة لتغيير سعر الصرف أكثر من مرة في الفترة الممتدة بين عامي 2022 و2024.. فتغير سعر صرف الدولار من 15.6 جنيه في مارس آذار 2022 إلى نحو 50 جنيهاً في مارس آذار من العام الحالي وكان لهذا دور في نقص إنتاج الدواء، فضلاً عن أن نحو 90 في المائة من عناصر تكوين وتغليف الأدوية تأتي من الخارج وتقع تحت طائلة حسابات الدولار.
كل هذه المعطيات تسببت في تقليص الشركات إنتاجها لبعض أصناف الدواء لتقليل خسائرها، كما قامت بحسب فريد الذي يدير صيدلية صغيرة في حي شبرا إلى الشمال من وسط القاهرة «بتقليل هامش ربح الصيدليات أو حذفه تماماً ليصل على بعض الأدوية إلى صفر في المئة بدلاً من 20 في المئة»، ما تسبب في تكبد الصيدلية خسائر طوال الأشهر الماضية بحسب فريد.
وكانت CNN الاقتصادية قد تواصلت هاتفياً مع الرئيس التنفيذي لإحدى شركات صناعة الدواء المحلية والذي طلب إرسال الأسئلة إليه ولكنه لم يعد برد حتى وقت النشر.
معاناة المرضى والأطباء
محمد علي، استشاري الطب النفسي، قال في حديث مع CNN الاقتصادية إنه يشعر وكأنه «مكبل وقت كتابة الوصفات الطبية للمرضى المترددين على عيادته.. نحو 30 في المئة من الأدوية الفعّالة التي نكتبها لا وجود لها منذ 3 أشهر أو أكثر مثل العقاقير التي تعمل على محاربة القلق وأدوية المساعدة للنوم في حالات الأرق الشديدة».
نقص دواء السكري الخاص بعبير هو ما يسبب لها الأرق، فالأرملة الخمسينية التي تعيش في حي الفجالة بوسط القاهرة لا تجد التركيز المناسب للعقار الذي بدأت العلاج به قبل 8 أشهر والذي يعمل بمادة الميتافورمين.. فهي تجتهد وتتناول «الجرعة مضاعفة».
ياسين رجائي المتحدث الرسمي باسم هيئة الدواء المصرية قال في لقاء مع CNN الاقتصادية إن «المشكلة تكمن بالأساس في كتابة الأطباء وصفات العلاج تحت الاسم التجاري للأدوية وليس تحت الاسم العلمي، حيث إن تحديد الاسم التجاري يتسبب في عدم قبول المرضى والصيادلة في التعامل مع الأدوية البديلة».
ولكن علي يؤكد أن تقديم «وصفة طبية بالاسم العلمي لا يُجدي نفعاً في مصر بسبب غياب الصيدلي عن الصيدليات في كثيرٍ من الأوقات وترك إدارة الصيدلية إلى مساعدين غير متخصصين، لذلك نفضّل كتابة الاسم التجاري على الاسم العلمي للمادة الفعّالة لتجنب حدوث خطأ، فضلاً عن أنه في بعض الأحيان لا تقدّم الأدوية المنتجة من قبل بعض الشركات بالمفعول الأمثل».
في النهاية، يعرب كل من رجائي وعوف عن تفاؤلهما، حيث إن عدد «الأدوية الناقصة» كما يسميها المصريون يشهد تحسناً.
«في بداية يونيو حزيران كانت السوق تعاني نقص نحو 1000 دواء، ووصلنا اليوم إلى 800 دواء وسينخفض العدد إلى نحو 500 دواء هذا الشهر حتى تتلاشى الأزمة تماماً بسبب مشكلة التسعير».
ويبلغ حجم سوق الأدوية في مصر نحو 200 مليار جنيه، 4.16 مليار دولار أميركي.
لا يتجاهل ممثل الصيادلة في اتحاد الغرف التجارية «البعد الاجتماعي لسلعة الدواء»، ولكنه يرجو أن تطبق سياسة التسعير المرن على الأدوية بناءً على سعر صرف الدولار الأميركي.