«هل تستطيع الخروج من غزة أو توسعة أعمالك في الخليج أو مصر؟» هذا هو السؤال الذي يٌقابل به رواد الأعمال من قطاع غزة عند عرض مقترحات شركاتهم. فهدف الجميع الخروج بالشركات الناشئة إلى مناطق أبعد وتحقيق أرباح كبيرة.
محمود أحمد مصمم تطبيقات أطلق في 2020 «دوزدان» أو محفظة باللهجة الفلسطينية وهو عبارة عن محفظة إلكترونية تتيح لسكان غزة من غير المتعاملين مع البنوك نقل الأموال فيما بينهم. تُحصل دوزدان في المقابل عمولة تبلغ 50 أغورة أو شيكل واحد بحد أقصى من كل تحويل أي بين 13 سنتاً و27 سنتاً.
ويقول «مفهوم نقل النقود عبر الجوال معقد جداً في غزة. هدفنا إقناع الناس باستخدام التطبيق وربما يأتي اليوم الذي يشترون فيه زجاجة الماء أو الخبز عن طريق شاشة المحمول». ونقل نحو 500 مستخدم فقط قرب 100 ألف شيكل منذ إطلاق التطبيق عام 2020 وحتى الآن.
وأردف أحمد قائلاً «حصلنا على تمويلين بلغ مجموعهما 15 ألف دولار. استخدمنا التمويل الأول في إنشاء التطبيق واستخدمنا التمويل الثاني الذي حصلنا عليه من الوكالة الألمانية لرفع عناصر حماية التطبيق من الاختراق حيث أن نتعامل بالنقود».
مصادر تمويل تعتمد في الأساس على المنح
أصحاب رأس المال المخاطر لا يضخون أموالهم في الشركات الناشئة المسجلة في قطاع غزة أو حتى المسجلة في الضفة الغربية، ولكن التمويل يأتي من منح أوروبية أو من مستثمرين ملائكة. تساهم كذلك حاضنات أعمال في التمويلات الأولية ولا تحصل على حصص من الشركات الناشئة كمقابل لاحتضانها في مراحل تكوينها.
مجد خليفة الرئيس التنفيذي ل «فلو أكسيلايريتور» هي مسرعة أعمال في رام الله تساعد رواد الأعمال في المراحل المبكرة على اجتياز العقبات المالية والفنية كي يصبحوا أكثر جاهزية للتعامل مع السوق وإدارة الاستثمارات. ومنحت فلو تمويلات لعشرين شركة من القطاع بإجمالي بلغ نحو 170 ألف دولار.
وقالت خليفة في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إن «مسرعات الأعمال والحاضنات تعمل في قطاع غزة بموارد مالية متواضعة وبالتالي لا تستطيع أن تصل بالشركات الناشئة إلى مراحل متقدمة. أي رأس مال مخاطر لا يفكر في الاستثمار في غزة. بسبب صعوبة الحركة أو الخروج من القطاع. من الطبيعي أن تبدأ الشركة الناشئة من مدينة صغيرة وتنطلق إلى محيط أكبر وهذا صعب جداً. منظومة الشركات الناشئة الفلسطينية لا تزال في مرحلة مبكرة وفي طور النضج وهذا يحدث ببطء شديد. حتى هذه اللحظة لا يوجد سوى استثمار واحد مخاطر في كل تجربتنا جاء من السعودية ليمول شركة واحدة في رام الله. ولم نشهد قصص نجاح حقيقية حتى الآن لأن جميع الشركات في مراحل أولية ويصعب عليهم الخروج منها”.
«دخول الأموال إلى غزة أمر صعب»
استفاد محمد الرُن من وظيفته في الهلال الأحمر الفلسطيني للوصول إلى رام الله في الضفة الغربية وتأسيس فرع جديد للرازي التي تعمل في مجال الخدمات الطبية هناك. الانتقال بين قطاع غزة والضفة الغربية شديد التعقيد بسبب حصار إسرائيل للقطاع وبسبب الخلافات بين الفصائل الفلسطينية التي نشبت بعد إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية في عام 2006. فلا يستطيع أحد من سكان غزة الذهاب إلى مدن الضفة الغربية والعكس إلا في ظروف شديدة الخصوصية.
ويقول الرُن «دخول مبلغ 10 الآف أو 15 آلاف دولار إلى غزة أمر صعب ويأخذ وقتاً طويلاً. حصلت على منحة تمويل بمقدار 20 ألف دولار من مؤسسة»Startups Without Borders«في أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي ولم يصل حتى الآن لذلك كان من الضروري الاستفادة من التصريح المؤقت لأعبر إلى الضفة الغربية لتأسيس فرعٍ هناك وفتح حساب مصرفي في رام الله لتسهيل دخول الأموال».
نجحت الرازي منذ بدايتها في رقمنه كل البيانات الطبية في 12 مشفى و80 مركزاً طبياً و120 عيادة كما تنظم أكثر من 500 كشفاً طبيا كل شهر. ووصلت أرباحها منذ تأسيسها عام 2018 حتى الآن إلى نحو مليون شيكل أي 275 ألف دولار.
المناخ غير موائم لنمو الشركات الناشئة في قطاع غزة
عامر قاعود مؤسس منصة لتعليم البرمجة عن بعد في قطاع غزة نجحت في استقطاب نحو 200 مشترك قبل إطلاقها. وقال قاعود في لقاء مع «CNN الاقتصادية» «وقت دخلنا في حاضنة أعمال قبل عدة سنوات كنا نحو 80 رائد أعمال لم يتبق منا سوى شركتي. وتبخر الباقي تماماً». يقول قاعود الذي نجح في الخروج من قطاع غزة مرتين «كل المناخ غير موائم لنمو الشركات الناشئة في قطاع غزة. أنا أخطط للخروج من غزة قبل نهاية العام».
في النهاية ستستمر خليفة في تقديم المنح للشركات الناشئة في غزة لأنها تعتقد أن «القطاع مليء بالمواهب والأفكار المبتكرة ورواد الأعمال الذين ليس لديهم حل سوى الاستمرار في الاستثمار في أنفسهم». وسيحاول الرُن التوسع في السوق المصرية أملاً في الحصول على جزء من الحصة السوقية في مجال الرعاية الصحية في مصر «أنا مضطر لخوض التجربة. على الرغم من شدة المنافسة فإن مصر هي الامتداد الطبيعي لغزة». أما عامر فيذهب بطموحه لأبعد من القاهرة «أرجو أن تصبح هذه الشركة شركة ملياريه (يونيكورن) أو الشركة القادمة أو التالية ربما. أنا مُصِرٌ على هذا. ولدت إنسانا عادياً وأرفض أن أموت إنساناً عادياً».