على جانبي كوبري 6 أكتوبر الذي يشق جزيرة الزمالك قبل أن يعبر نهر النيل، تقف أعمدة إعلانات المدينة خاوية إلا من إعلانات العقارات وبعض شركات الاتصالات العالمية.
يعاني سوق الإعلانات في مصر من آثار الأزمة الاقتصادية الحادة التي تخنق البلاد منذ أكثر من عام، فقد وصل حجم انخفاض أعمال بعض الشركات العاملة في الإعلانات إلى أكثر من 60 في المئة مقارنةً بالعام الماضي.
تقلص حجم سوق إعلانات الطرق في مصر بنحو 30 في المئة
أشرف خيري رئيس شعبة الإعلانات في اتحاد الصناعات أوضح في اتصالٍ مع «CNN الاقتصادية» أن حجم أعمال إعلانات الطرق تقلص في مصر بنسبة تقترب من 30 في المئة مقارنةً بالعام الماضي ويرى أن «الإعلانات كالملابس، في وقت الأزمات الاقتصادية أول ما تتنازل عنه الشركات هو الإعلانات، تماماً مثل الموظف الذي يتنازل عن شراء ملابس جديدة في حالة تخفيض أجره».
العملاء لا يمتلكون سلعاً للإعلان عنها
تواجه مصر منذ نحو عام نقصاً حاداً في الدولار الأميركي أدى إلى فرض سياسات نقدية تسببت في تقليص عمليات الاستيراد، بل وتوقفها بشكلٍ شبه كلي في الربع الأخير من العام الماضي، ويجد المستوردون، حتى الآن صعوبة كبيرة في تدبير الورقة الخضراء لإتمام عملياتهم.
هاني شكري، الرئيس التنفيذي لشركة «وندرمان تومسون» للإعلان في منطقة الشرق الأوسط، قال في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إن «عملاءنا لا يجدون سلعاً ليبيعوها، بالتالي عمَّ سيعلنون؟ نحن نشهد أوضاعاً اقتصادية صعبة جداً لم نعرفها من قبل حتى في وقت تعويم الجنيه عام 2016 بالتالي الشركات تقلل ميزانية كل الإعلانات. انخفضت سوق إعلانات الطرق في مصر من ثلاثة مليارات جنيه في العام الماضي إلى ملياري جنيه هذا العام».
التوسعات السريعة في إنشاء الطرق تربك الحملات الإعلانية
شُح الدولار والسلع ليس العائق الوحيد الذي يعرقل قطاع إعلانات الطرق في مصر، فبحسب أحد مسؤولي الدعاية بشركة كبرى لبيع السيارات في مصر رفض ذكر اسمه أكد لـ«CNN الاقتصادية» أن «التوسع الكبير في إنشاء وتعديل الطرق الذي تشهده مصر منذ فترة أدى إلى عزوفنا عن إعلانات الطرق لأن التوسعات الإنشائية السريعة تعرقل خطتنا الإعلانية، فاختيار مكان الإعلان أمر ضروري لتسويق المنتج وتثبيت صورته في عين وعقل مَن يمر يومياً من هذا المكان، وهذا يصعب تحقيقه في ظل توسعات الطرق التي تتم بشكل سريع».
مروان عادل، مدير عام التسويق بمجموعة كونتكت المالية القابضة، قال في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إن «إعلانات الطرق مثلت نحو 20 في المئة من إجمالي نفقات المجموعة على الإعلانات، بينما كانت قبل نحو عام كانت تمثل 40 في المئة. أصبحنا نفضل الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي حيث إنها أقل كلفة بنحو ست مرات، فما ننفقه في شهر على إعلانات الطرق ننفقه في ستة أشهر على إعلانات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تستهدف بشكلٍ منهجي المستهلكين الأنسب للسلعة، كما أن إعلانات الطرق لا تعطي للمعلن أي نتائج على عوائد استثماراته فيها، هي تصلح فقط عند إطلاق منتج جديد».
في النهاية لا يعرف خيري «متى ستنتهي أزمة الاقتصاد في مصر لتعود إعلانات الطرق إلى سالف عهدها»، أما عادل فسيستمر باستهداف عملاء التمويل الاستهلاكي عن طريق الإعلان على الشبكة العنكبوتية، فهي تتلاءم أكثر مع ما يقدمه، أما قطاع العقارات فيجد في زحام الجسر أرضاً خصبة لبيع الحلم لمن ينتظرون في اختناقات الطرق ولمن ضاقت بهم المدينة.