يستعد أحمد العوضي -الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة «بوك دوك»- لتوسيع نشاط شركته الناشئة العاملة في مجال تنظيم العمليات الجراحية في السعودية بعد أن توسع في تركيا في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي.
ويُعد توسع «بوك دوك» خياراً استراتيجياً للعوضي، في ظل استمرار تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار .
وأكد العوضي في لقاء مع «CNN الاقتصادية» أن حجم أعمال الشركة انخفض بشكل تدريجي مع كل تحرُّك في سعر صرف الجنيه حتى وصل إلى 62 في المئة.
وقال «فائض الدخل الشخصي المتاح يتآكل مع كل تراجع في قيمة الجنيه، وقد استطعنا امتصاص صدمة تخفيض الجنيه في مارس 2022، لكن مع التخفيض الثاني في أكتوبر الماضي قررنا التوسع في تركيا وهو ما قمنا به في الشهر التالي، ومع خسارة الجنيه الجديدة في يناير الماضي قررنا التوسع في المملكة العربية السعودية».
وفائض الدخل الشخصي المتاح هو المبلغ المتبقي من دخل أي شخص، والذي يدخره لإنفاقه على السفر والعلاجات غير الطارئة والرفاهية، وقد تأثر هذا الفائض كثيراً بسبب هبوط الجنيه أمام الدولار وبسبب أزمة التضخم في مصر التي تعصف بجيوب المواطنين.
تجدر الإشارة إلى أن الدولار الأميركي يُباع بنحو 40 جنيهاً في السوق الموازية بينما يقف سعر الصرف الرسمي عند 30.95 لكل دولار.
مفاوضات استثمار أكثر شراسة بسبب ضبابية المشهد الاقتصادي
تواصلت «CNN الاقتصادية» مع مستثمر سعودي في شركة رأس مال مخاطر رفض ذكر اسمه، لكنه علّق قائلاً «نرى محاولة الكثير من الشركات الناشئة المصرية التوسع في السوق السعودية، وهناك من يتوسع في كينيا والبرازيل وأماكن أخرى من العالم، وهو أمر مفهوم، فالكثير من الشركات تحقق نمواً في أرباحها بالجنيه المصري، ولكن تراجع سعر الصرف تسبب في تراجع أعمال الشركات بالدولار، هذه الحالة من انعدام اليقين والضبابية تدفعنا كأصحاب رأس مال مغامر إلى الإبقاء على حجم الاستثمار المطلوب في الجولات التمويلية من الشركات، لكن مع مضاعفة الحصة المُباعة.. على سبيل المثال إذا كان التمويل المطلوب مليون دولار مقابل 10 في المئة من الشركة فنحن نعرض المبلغ نفسه مقابل 20 في المئة وهو ما يطيل عمليات التفاوض بشكل كبير».
تدفقات استثمارية بنحو 5.3 مليار دولار في 10 سنوات
تقدر الأموال التي استقبلتها مصر خلال السنوات العشر الماضية من بوابة ريادة الأعمال بـ5.3 مليار دولار، وبحسب تقرير الجمعية الإفريقية لرأس المال الخاص الصادر في أبريل نيسان من العام الحالي، فإن مصر احتلت المركز الأول على مستوى شمال إفريقيا والثاني على مستوى القارة من حيث التدفقات الاستثمارية بعد نيجيريا.. لكن توقف الجولات التمويلية بسبب الاختلاف على تقييم سعر صرف الجنيه قد يؤدي لانخفاض استثمارات رأس المال المخاطر إلى مصر. فعلى الرغم من تحقيق الشركات مكاسب بالجنيه المصري، فإن هذه المكاسب لم تكن كافية لتعويض خسارة الجنيه، ما تسبب في مطالبة الكثير من أصحاب رأس المال المخاطر للشركات المصرية بالتوسع في دول أخرى شريطة منح التمويل.
وفي اتصالٍ مع «CNN الاقتصادية»، قال عبدالحميد شرارة -رئيس قمة «رايز أب» للشركات الناشئة التي تمثل أكبر تجمع لريادة الأعمال في الشرق الأوسط ويشارك بها 3000 من أبرز الفاعلين في منظومة ريادة الأعمال في المنطقة «هناك الكثير من المستثمرين الذين يودون دخول السوق المصرية، لكنهم ينتظرون بسبب عدم وضوح سعر الصرف، في الوقت نفسه تحتاج الشركات المصرية لدخول أسواق أخرى لالتقاط بعض الأكسجين والدولارات بهدف رفع القيمة السوقية للشركة بالدولار».
محمد الحريشي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة «تاجر» العاملة في تسهيل مجال البيع للأفراد على شبكة الإنترنت والتي توسعت في السوق السعودية قبل أزمة سعر الصرف، قال في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إن ما يحدث ليس جديداً، «متابعة سعر الصرف في مصر تظهر أن هذا النمط معتاد، فمصر تشهد تخفيضاً لقيمة الجنيه كل عقد تقريباً، كان الدولار بثلاثة جنيهات ثم قفز إلى سبعة جنيهات وصعد إلى 15 جنيهاً ثم قفز مجدداً ليصل إلى 30 جنيهاً، وكل من يستثمرون في مصر يعرفون هذا جيداً، بعض المستثمرين لا يفضلون هذا النمط ولا يأتون لمصر، ولكن يجب ألّا ننسى حجم السوق الكبير في مصر، فهناك 105 ملايين مستهلك».
حجم الاستثمارات الواردة للشركات الناشئة هو الذي سيتحدث في نهاية العام عن أدائها، وقد تنمو السوق المصرية بشكل أو بآخر على الأقل بسبب النمو السكاني.
يتجه العوضي من وقت لأخر إلى فرع الشركة في الرياض، حيث يتمتع بتسهيلات إدارية هناك على الرغم من التنافسية العالية في السوق السعودية.
ويرى الحريشي، أن بإمكانه تحقيق المزيد من المكاسب «شريطة إدراك أن السوق المصرية تشبه الماراثون الكبير وليس العدو لمسافات قصيرة لتحقيق مكاسب».
أما شرارة، فهو مؤمن بالفرص التي «يتيحها تداخل السوقين المصرية والسعودية، فالأولى بوابة لإفريقيا والثانية بوابة للخليج وآسيا».