يحلم الكثير من رواد الأعمال بنزول لاعبين جدد من أصحاب رأس المال المخاطر إلى السوق المصرية بعد انتهاء أزمة سعر الصرف في مصر، وينتظر الكثير من رواد الأعمال هذا الدخول للمضي قدماً بشركاتهم بعد عامين عجاف شهدا توقفاً كبيراً في جولات التمويل في مصر بسبب تقييم الجنيه بأكثر من قيمته لمدة اقتربت من عامين ما تسبب في إحجام شديد من أصحاب رأس المال المخاطر عن الاستثمار في مصر.

وبحسب تقرير الجمعية الإفريقية لرأس المال المخاطر الصادر الشهر الماضي، فإن ترتيب مصر تراجع من المركز الثاني في عمليات التمويل على مستوى قارة إفريقيا إلى المركز الرابع لتحل الشركات المصرية الناشئة بعد نيجيريا وجنوب إفريقيا وكينيا على التوالي لتشهد عمليات تمويل الشركات الناشئة في مصر تراجعاً من 15 في المئة من إجمالي عمليات التمويل في القارة في عام 2022 إلى 11 في المئة في عام 2023.

وقال محمد إيهاب الرئيس التنفيذي لشركة انطلاق التي تنشط في مجال الاستشارات الفنية لصناديق رأس المال المخاطر في لقاء مع «CNN الاقتصادية»: «قبل تحرير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه كان المستثمرون يسألوننا.. نريد معرفة سعر واضح للجنيه كي نتمكن من تحديد قيمة الشركات التي سنضخ فيها الأموال، وهو ما كان أمراً صعباً بسبب وجود أكثر من سعر للصرف، ولكن الآن أصبح هناك سعر صرف واضح ما يتيح قياس تقييم الشركات وحجم مبيعاتها وتوسعاتها المستقبلية، أمّا الآن فأصبح المستثمرون يسألون عن أفضل القطاعات أو الشركات لاستثمار أموالهم فيها».

وأضاف إيهاب «بعض الشركات نجحت منذ تعويم الجنيه في إتمام جولات تمويلية من مؤسسات رأس المال المخاطر حيث إن تعويم الجنيه أحدث قدراً من فتح شهية المستثمرين على الشركات الناشئة في مصر».

وشهدت مصر أزمة اقتصادية كبيرة من عام 2022 كان الحاضر الغائب فيها الدولار الأميركي الذي تسبب الشح في موارده في ميلاد سوق موازية للصرف ووصل الفارق بينهما إلى أكثر من الضعف في شهر يناير كانون الثاني من العام الحالي ما أدى إلى عزوف الكثير من أصحاب رأس المال المخاطر عن السوق المصرية بسبب صعوبة تقييم الشركات وارتفاع تكاليف التشغيل في مصر بسبب تطبيق سعر صرف رسمي غير واقعي، وهو ما قاد الكثير من رواد الأعمال إلى التوسع في الإمارات العربية المتحدة والسعودية بغرض الحصول على العملة ولتحسين القوائم المالية لشركاتهم التي كانت تحقق أرباحاً بالجنيه المصري، ولكن بيانات الحسابات بالدولار كانت تظهر تراجعاً لنمو الشركات.

وأعرب هاني السنباطي، الشريك المؤسس لسواري فينشرز، في لقاء مع «CNN الاقتصادية» عن تفاؤله بتطورات السوق وإتمام الجولات التمويلية «في غضون 3 أو 6 أشهر ينتظرها المستثمرون»، وأضاف أن سواري فينشرز ستضخ ما بين 200 و250 مليون دولار للاستثمار في الشركات الناشئة خلال العام الحالي، وأنه سيتم توجيه نحو 60 في المئة من قيمة الاستثمارات نحو الشركات الناشئة في مصر، وتستثمر سواري فينشرز في شركات ذات التصنيف الأول وهو ما يعني أن الشركات عبرت مراحل التمويل الأولى، ما يجنب سواري ومسرعة أعمالها فلات 6 لاب خسائر بدايات الشركات التي تكون المخاطرة فيها عالية.

يتنبأ السنباطي بأن مصر ستشهد «طفرة كبيرة في مجال ريادة الأعمال بعد حل مشكلة سعر الصرف وأن دورة جديدة من التمويل تبدأ وستستمر حتى عام 2030 لتشهد زخماً مماثلاً لانطلاق الكثير من الشركات بين عامي 2018 و2022 ما سيتيح لمصر احتلال المركز الأول على رأس قارة إفريقيا»، أما إيهاب فيؤكد «أن بعض الشركات الناشئة التي توسعت خارج مصر تدرس إعادة الانتشار في مصر بفضل انخفاض مصاريف التشغيل بعد تعويم الجنيه المصري فضلاً عن ضخامة أعداد المستهلكين في السوق المحلية».

تُقدّر الأموال التي استقبلتها مصر من بوابة ريادة الأعمال بين عام 2012 وعام 2022 بـ5.3 مليار دولار، بحسب تقرير الجمعية الإفريقية لرأس المال الخاص الصادر في أبريل نيسان.

وعلى الرغم من تراجع مصر إلى المركز الرابع قارياً فإنها لا تزال الدولة الأكثر حصاداً للتمويلات في إقليم شمال إفريقيا، وحصلت 22 شركة ناشئة فقط على تمويلات أولية في عام 2023 مقابل 63 شركة في العام السابق. وحصلت مصر بحسب التقرير على 67 في المئة من التمويل الممنوح في شمال إفريقيا بين عامي 2019 و2023.