واجهت شركة أبل الكثير من الضربات حتى الآن هذا العام، بدءاً من التدقيق التنظيمي في واشنطن، وتباطؤ المبيعات في الصين، ووصولاً إلى حلبة التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكن الضربة الكبرى للشركة قد تكون موجهة من الاضطرابات العمّالية.
بدأت هذه الجولة في يونيو حزيران 2022، إذ دخل عمال متجر أبل في توسون بولاية ماريلاند التاريخ عندما صوتوا لتشكيل أول نقابة عمالية في أحد المتاجر الأميركية الأنيقة لعملاق التكنولوجيا، واليوم، يدرس الموظفون خيار استخدام ورقتهم الرابحة، ألا وهي الإضراب.
ونظراً لعدم استيفاء الإدارة مطالبهم الأساسية بعد، فإن عمال ولاية ماريلاند يجرون تصويتاً على ترخيص الإضراب يوم السبت، وهو أحد أقوى الإجراءات العمالية المتخذة ضد شركة التكنولوجيا الكبرى حتى الآن، وهذا ليس التحدي العمالي الوحيد الذي تواجهه شركة أبل في الولايات المتحدة.
إذ يجري الموظفون في نيوجيرسي انتخابات نقابية في نهاية هذا الأسبوع، بالإضافة إلى ذلك، أيّد المجلس الوطني لعلاقات العمل هذا الأسبوع قراراً يزعم أن شركة أبل تتبع تكتيكات لخرق النقابات في مدينة نيويورك، كما تواجه الشركة أيضاً شكاوى بشأن ممارسات العمل غير العادلة أمام قضاة العمل في الوقت الحالي (تنفي شركة أبل هذه الادعاءات).
إن الحراك العُمّالي التي تشهده متاجر أبل يعكس صدى التنظيم الجماعي الذي بدأ في شركات مؤثرة أخرى في الولايات المتحدة، مثل ستاربكس وأمازون.
ومع نمو شركة أبل ووصولها إلى العرش بقيمة سوقية تبلغ 3 تريليون دولار، كشفت سوق العمل الضيقة الناتجة عن جائحة كوفيد 19 عن ظروف العمل وعدم المساواة التي يواجهها العمال في أماكن مثل المتاجر والمستودعات.
وقالت كيت برونفنبرينر، مديرة أبحاث التعليم العمالي في كلية كورنيل للعلاقات الصناعية والعمالية: «إن ذلك يعكس الإحباط المتزايد بين العمال وأيضاً انتقال العدوى إلى النشاط العمالي، والذي يحدث عندما تتخذ مجموعة من العمال موقفاً ويلهمون الآخرين».
وحتى الآن، صوّت العمال في اثنين من مواقع متاجر أبل –توسون، ميريلاند وأوكلاهوما سيتي– لصالح الانضمام إلى النقابات، وسيتم تصويت النقابات في نيوجيرسي في نهاية هذا الأسبوع، إلى جانب الجهود الأخرى في جميع أنحاء البلاد.
وقالت برونفنبرينر: «سيكون إضراب عمال شركة أبل (المحتمل) بمثابة شرارة لعمال آخرين».
من جانبها، قال أحد المتحدثين باسم الشركة في بيان عبر البريد الإلكتروني لشبكة CNN: «في أبل، نعمل بجد لتوفير تجربة ممتازة لأعضاء فريق البيع بالتجزئة لدينا وتمكينهم من تقديم خدمة استثنائية لعملائنا، نحن نقدر بشدة أعضاء فريقنا ونفخر بتزويدهم بتعويضات رائدة في الصناعة ومزايا استثنائية، كما هو الحال دائماً، سنتعامل مع النقابة التي تمثل فريقنا في توسون باحترام وبحسن نية».
إضراب محتمل قد يمثل الضربة القاضية
يفكر عمال ماريلاند في الإضراب لأنه بعد أكثر من عام من المفاوضات، لم تتوصل الإدارة بعد إلى حلول للقضايا الأساسية مثل «التوازن بين العمل والحياة، وممارسات الجدولة غير المتوقعة التي تعطل الحياة الشخصية، والأجور التي لا تعكس تكلفة العيش في المنطقة»، وفقاً لبيان صادر عن النقابة.
ولدى متجر ماريلاند شكوى مستمرة مرفوعة ضد شركة أبل، التي تزعم أن الشركة قدمت مزايا صحية وتعليمية محسنة للموظفين غير النقابيين وليس الموظفين النقابيين.
ومن الجدير بالذكر أن التصويت على الإضراب لا يعني أن المتجر مضرب عن العمل، بينما هي خطوة واحدة من مشوار الأف ميل الذي ينتهي بالتصويت النهائي على تفويض الإضراب.
وترى برونفنبرينر أن الدافع الكبير وراء مثل هذا التنظيم هو الفجوة بين أرباح الشركات في أكبر الشركات الأميركية -مثل أبل وأمازون وغوغل- وأجور العمال، وخاصة للعاملين في متاجر البيع بالتجزئة أو المستودعات.
الاتحاد العمالي ماضٍ بمسيرته على الرغم من التحديات
وأقر المجلس الوطني لعلاقات العمل هذا الشهر بأن شركة أبل قد استجوبت الموظفين بشكل غير قانوني وصادرت المنشورات النقابية وحظرتها بينما سمحت بمواد غير نقابية في موقع مركز التجارة العالمي في عام 2022.
كما أيّد المجلس الوطني لعلاقات العمل قرار قاضي مجلس العمل الأميركي الصادر في العام الماضي، وكانت المرة الأولى التي يحكم فيها قاضي العمل ضد شركة أبل. ويعد التأكيد الصادر عن المجلس الوطني لعلاقات العمل بمثابة فوز لمنظمي النقابة العمالية.
وعلى الضفة الأخرى من نيوجيرسي، هناك انتخابات نقابية للموظفين في شورت هيلز، إحدى ضواحي مدينة نيويورك، وهناك شكاوى أخرى ضد شركة أبل أمام قضاة العمل في الوقت الحالي تتعلق بممارسات العمل غير العادلة.
وعلى غرار مدينة نيويورك، أصدر العمال في أتلانتا شكوى في عام 2022 زعموا فيها أن شركة أبل استجوبت الموظفين بشكل غير قانوني بشأن الدعم النقابي وحاولت إقناعهم بعدم الانضمام إلى النقابة.
ولم يقتصر الحراك العمالي فقط في متاجر البيع لشركة أبل، إذ يشهد مقرها الرئيسي في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، انتظار صدور قرار بشأن شكوى تزعم أن الشركة قامت بشكل غير قانوني بطرد أحد الموظفين وتأديبه وتهديده واستجوابه بتهمة «الانخراط في نشاط منسق محميّ».
وفي بيان بشأن الشكاوى المرفوعة، قالت شركة أبل: «إننا ننفي بشدة هذه الادعاءات ونتطلع إلى تقديم مجموعة كاملة من الحقائق إلى المجلس الوطني لعلاقات العمل».
(راميشاه ماروف – CNN)