تخرج عاملة منزلية من أحد مساكن مدينة الشيخ زايد الراقية لتسلم زجاجات بلاستيكية وعبوات ألومنيوم فارغة لمندوب شركة بيغ سكرابرز لتجارة الخردة، في المقابل سيحصل أصحاب المنزل الفخم الذي تصف أمامه سيارة مرسيدس من طراز مايباخ، على بعض نقاط الولاء لاستبدالها من أحد متاجر التجزئة، وبيغ سكرابارز هي شركة ناشئة حديثة التأسيس تعمل في مجال المخلفات المنزلية والصناعية الصلبة القابلة لإعادة التدوير.

تأسست الشركة الواقعة مخازنها على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية قبل نحو ثمانية أشهر برأس مال شخصي من مصطفى قباني تبلغ قيمته 30 مليون جنيه مصري، وهو نشط في شركات ناشئة أخرى بعضها مستمر حتى الآن.

فتح مصطفى القباني مؤسس الشركة مخازنها لـCNN الاقتصادية، هنا يختلط الكرتون مع الألومنيوم مع البلاستيك مع النحاس والحديد مع غسالات الملابس ولعب الأطفال ومكونات أجهزة الكومبيوتر، ويستقبل هذا المخزن نحو 300 طن من المخلفات القابلة للتدوير بشكل يومي، ثم يقوم العاملون بإعادة فرزها وتصنيفها تمهيداً لبيعها للمصانع المحلية التي تبحث عن المواد الخام.

قباني الذي يأتي من عائلة شهيرة بالأعمال والذي أنشأ شركات وتطبيقات كُتب لبعضها النجاح والاستمرار حتى الآن، قرر أن يطلق تطبيقاً يساعد على جمع المخلفات من المصدر سواء المنازل أو المصانع، ما يعني أن أصحاب المخلفات يقومون بفرزها ثم بيعها لبيغ سكرابرز عبر التطبيق، وهو ما يجنب قباني صعوبة التعامل مع المخلفات العضوية التي تخلفها المنازل، حيث إن فصل النفايات ليس من العادات المنزلية واسعة الانتشار في مصر.

فبحسب دراسات جهاز شؤون البيئة تخلف القاهرة الكبرى وحدها نحو 25 ألف طن من القمامة يومياً نحو 40 في المئة منها قابلة للتدوير، بينما تخلف مصر نحو 25 مليون طن من المخلفات سنوياً، 30 في المئة منها قابل للتدوير.

اشتهر جامعو قمامة المقطم إلى الشرق من وسط القاهرة والمعتمدية والبراجيل غرب النيل بالقرب من حي المهندسين، بإعادة فرز ثم بيع مخلفات القمامة، وعلى الرغم من بساطة حياة هذه المجموعة من السكان فإن قاطني القاهرة ينظرون لهم كأثرياء بفضل ما يجنونه من المخلفات القيمة التي يتركونها، مثل الكرتون والبلاستيك وعبوات المشروبات الغازية، فهذه العبوات مطلوبة جداً لدخول الألومينيوم في العديد من الصناعات في مصر، فيبلغ سعر كل كيلوغرام منها 90 جنيهاً (1.9 دولار أميركي).

وقال قباني إن مبيعات بيغ سكرابرز من الخردة تصل إلى 200 مليون جنيه شهرياً، ولا يسعى الشاب الثلاثيني إلى الحصول على تمويل في الوقت الحالي، ولكنه يقوم بالدراسات التي ستتيح له تقييم الشركة لدخول في جولات تمويلية لاحقة مع صناديق خاصة.

بدأت بيغ سكرابرز نشاطها في البوسنة والهرسك بعد بداية أعمالها في مصر بفترة قصيرة، وتقوم بجمع المخلفات من سرايفو للغرض نفسه، فضلاً عن إطلاق الشركة أعمالها في الإمارات العربية المتحدة في وقت قريب، وعلى عكس مصر التي تحدد السوق الشعبية فيها قيمة الخردة حسب قواعدها المحلية فتحديد سعر الخردة في الجمهورية الواقعة في أوروبا الشرقية تستخدم أسعار بورصة لندن للتسعير.

وقال قباني إن الشركة تتمتع بفرص نجاح، حيث مصر تتمتع بتوافر قدر كبير من الخردة ويقارن حجم الخامات بما تخلفه باكستان وإندونيسيا، ويطمح قباني إلى أن تعمل بيغ سكرابرز في نحو 30 دولة في غضون 10 سنوات، ويتوقع أن تصبح الشركة يونيكورن في غضون خمس سنوات من الآن، أي أن تبلغ القيمة السوقية للشركة مليار دولار أميركي أو أكثر.

لم يفصح مؤسس الشركة على نسبة الأرباح الشهرية من مجمل مبيعاتها البالغة 200 مليون جنيه في الشهر (نحو 4 ملايين دولار أميركي)، ولا عن مصاريف التشغيل، فهو يرى أن سريتها في الوقت الحالي ضرورية لعملية جمع التمويل المقبلة.

من المبكر التنبؤ: هل ستنشر بيغ سكرابرز أعمالها في ثلاثين دولة مثلما يطمح مؤسسها؟ ولكن الأكيد أنها تقدم حلاً متطوراً لمشكلة المخلفات الصلبة التي تخلفها مصر.