يستعد القطاع المصرفي في الولايات المتحدة، وهو حجر الزاوية في أكبر اقتصاد في العالم، لمواجهة الأسوأ مع استمرار تصاعد المخاطر.
فقد أحدثت التحذيرات الأخيرة موجات صادمة عبر المشهد المالي، ليس فقط للبنوك الصغيرة أو المتوسطة الحجم، ولكن لأركان النظام المصرفي الأميركي، بعد أن رفعت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» من لهجتها بشكلٍ ملحوظ تجاه البنوك الأميركية، مؤكدة المخاطر الوشيكة التي يمكن أن تؤثّر على البنوك الكبرى.
التحذيرات جرس إنذار، لا سيّما وقد ذكرت بالاسم بنك «جيه بي مورغان تشيس»، أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث حجم الأصول، الذي استشعر أثرها بشكلٍ فوري وشديد، بخسارة أسهمه نحو 11 مليار دولار من قيمتها السوقية في غضون 24 ساعة فقط، مسجلة أكبر انخفاض يومي في أربعة أشهر.
كريس وولف، المحلل في «فيتش» أكد خطورة الموقف، حيث ذكر أن تخفيض تصنيف القطاع المصرفي الأميركي مرة أخرى إلى +A من -AA سيجبر الوكالة على إعادة تقييم تصنيفات نحو 70 بنكاً.
هذا الاحتمال يُضيف إلى بيئة متوترة بالفعل، و«فيتش» ليست الوحيدة التي دقت ناقوس الخطر؛ إذ سبق هذا التحذير الشديد تخفيض وكالة التصنيف الائتماني «موديز» تصنيف عشرة بنوك درجة واحدة.
ويعيد الوضع الحالي إلى الأذهان المخاوف التي صاحبت انهيار بنكي «فرست ربابليك» و«سيلكون فالي»، وقد ينذر بفترة مقبلة قد تكون الأسوأ بالنسبة للاقتصاد العالمي، خاصة وسط تصاعد المخاوف بشأن معضلة الديون الأميركية والعجز القياسي التاريخي للميزانية والحوكمة.
فهل سيتمكن الاحتياطي الفيدرالي هذه المرة من السيطرة على الأسواق مرة أخرى واحتواء المشكلة؟
لقد تغيرت الديناميكيات، ويبدو أن مجموعة التحديات الجديدة أكثر تعقيداً، وقد تشير الأحداث الأخيرة إلى نقطة تحول محتملة، ما سيتطلب استجابة متعددة الأوجه من المسؤولين التنظيميين والقطاع المصرفي والحكومة.
التحذيرات واضحة وهي تنطبق على جميع مستويات القطاع المصرفي، وثمة قلق جماعي من أن يكون هذا مجرد بداية رحلة محفوفة بالمخاطر.
ستخضع متانة القطاع المصرفي الأميركي وقدرته على التكيُّف لاختبار غير مسبوق، ومن المتوقع أن يكون الطريق محفوفاً بالتحديات.
ويبقى أن نرى ما إذا كان الجمع بين التنظيم الدقيق والتدخل الاستراتيجي وربما القليل من الحظ يمكن أن يوجّه القطاع المصرفي الأميركي خلال هذه الأوقات المضطربة، دون إحداث فوضى في الاقتصاد العالمي عموماً.