على مدار أكثر من عقد من الزمن، كافحت البنوك التجارية في الضفة الغربية وغزة لإدارة تراكم النقد الفائض بالشيكل الإسرائيلي، حيث يتراكم النقد في البنوك الفلسطينية دون إمكانية تحويله إلى إسرائيل أو استبداله بعملات أخرى وهي مشكلة جذرية في القطاع المصرفي الفلسطيني، بحسب صندوق النقد الدولي.

ويرجع ذلك إلى فرض بنك إسرائيل المركزي حدوداً على كمية عملات الشيكل والأوراق النقدية التي يقبلها من البنوك الفلسطينية، وقد أدى ذلك إلى إعاقة إدارة السيولة لفترة طويلة وشكّل عبئاً على ربحية البنوك الفلسطينية.

لكن الزيادات الكبيرة الدورية في فائض النقد خلال السنوات الأخيرة خلقت مخاطر إضافية ورفعت التكاليف على النظام المصرفي الفلسطيني، فضلاً عن القيود التي تفرضها إسرائيل على حركة النقد عبر الحدود، وغياب آلية مقاصة رسمية بين سلطة النقد الفلسطينية وبنك إسرائيل.

أضف إلى ذلك، أنه لا توجد عملة وطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي فالشيكل الإسرائيلي الجديد، الذي يصدره بنك إسرائيل، هو العملة المستخدمة.

أجور موظفي السلطة الفلسطينية ومعاشات المتقاعدين تُدفع بالشيكل، وكذلك مقابل البضائع المستوردة من إسرائيل والمصدّرة إليها، ويتقاضى العمال الفلسطينيون في إسرائيل أجورهم ويحوّلونها بالشيكل، كما تحوّل حكومة إسرائيل إيرادات المقاصة (الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية) إلى السلطة الفلسطينية بالشيكل.

أمّا العقارات فتُقيَّم عادةً بالدولار، والأراضي بالدينار الأردني و الدولار الأميركي، ويتقاضى معظم موظفي القطاع الخاص أجورهم بالدولار، باستثناء موظفي البنوك الذين يتقاضون أجورهم بالدينار الأردني.

إن الاحتفاظ بالشيكل النقدي الزائد يقلل من أرباح البنوك بنحو 20 في المئة، كما يمكن أن تستغرق الشحنات النقدية أسابيع، ما يؤدي إلى إطالة الوقت خارج الحسابات ذات الفائدة.

كما أن سعر الفائدة الذي تعرضه بعض البنوك المراسلة الإسرائيلية أقل بكثير من سعر الفائدة لدى بنك إسرائيل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم اليقين بشأن الشحنات المخصصة التي تتجاوز حد التحويل النقدي، وعدم القدرة على التنبؤ بالتعديلات التصاعدية للحد يجعل من الصعب على البنوك الفلسطينية إدارة عملياتها وسيولتها بكفاءة.

وأخيراً، تتردد البنوك في بعض الأحيان في التعامل مع العملاء المحتملين من القطاعات الاقتصادية التي تكون المعاملات فيها نقدية إلى حد كبير، مثل محطات الوقود ومتاجر البقالة والمطاعم التي تودع مبالغ كبيرة من النقد، ما يؤدي إلى ضياع فرص زيادة محفظتها وحصتها في السوق أو حتى فقدان العملاء.

ومع اندلاع الحرب، أعلنت إسرائيل حصاراً كاملاً على قطاع غزة، يشمل إمدادات الكهرباء، والمياه، والغاز والبضائع والخدمات، ما يؤدي إلى شلل في القطاع المصرفي الذي كان يعاني أساساً قبل الحرب.. فهل سنشهد انهياراً كاملاً إذا امتد الحصار؟