قادت صناديق الاقتراع رجب طيب أردوغان إلى دورة رئاسية جديدة، ليضيف خمس سنوات أخرى إلى العشرين عاماً التي أمضاها في السلطة رئيساً للوزراء ثم رئيساً للجمهورية في تركيا.

اكتسب أردوغان شعبيته بفضل انتخابه قبل نحو ثلاثة عقود رئيساً لبلدية إسطنبول، وبعد فترة قصيرة من انتخابه، اختفت أكوام القمامة التي كانت تلوث الشوارع، واستعادت المدينة جزءاً من بريقها التاريخي، فأضافت إسطنبول النظيفة بريقاً لأردوغان ساعد حزبه (العدالة والتنمية) ذا الميول الإسلامية على الانطلاق ثم الفوز بالانتخابات العامة، ليصبح أردوغان رئيساً للوزراء.

نسب نمو متفاوتة على مدار سنوات حكم أردوغان

ولد نحو 20 في المئة من الأتراك في عصر أردوغان، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي لتركيا لأكثر من مثليه في السنوات التي أمضاها في السلطة، وبحسب بيانات البنك الدولي بلغ الناتج الإجمالي المحلي نحو 819 مليار دولار في 2021، بينما كان يقف هذا الرقم عند 320 مليار في 2003، أما النمو فتفاوتت نسبته في سنوات أردوغان بين -4.8 في 2009 و11.4 في المئة عام 2021.

في يناير كانون الثاني، أعلن رجب طيب أردوغان أن الصادرات التركية حققت رقماً قياسياً جديداً، ووصلت إلى 254 مليار دولار. تعد الصادرات التركية وإيرادات السياحة أهم مصادر الدخل للبلاد، فبحسب المنظمة الدولية للسياحة وصل عدد السياح في تركيا عام 2019 إلى نحو 45 مليون سائح، مقابل نحو 14 مليون سائح عام 2003، أي قبل أن يعتلي أردوغان منصب رئيس الوزراء بعام، وتصل إيرادات السياحة التركية الآن إلى نحو 46 مليار دولار.

ارتفاع شديد في التضخم وتراجع كبير لليرة التركية

وصل التضخم في تركيا إلى 43.68 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما فقدت الليرة التركية نحو 80 في المئة من قيمتها أمام الدولار الأميركي في الأعوام الخمسة المنقضية.

ويرى المراقبون أن أردوغان وقرارته السبب الرئيسي وراء التراجع الحاد الذي تشهده الليرة التركية، فتدخلات الرئيس في السياسات النقدية للبنك المركزي التركي لا تتوقف، إذ أقال أردوغان محافظ البنك المركزي أكثر من مرة، كان أحدثها عام 2021 بسبب تبني المحافظ لسياسة رفع الفائدة للحد من التضخم، كما أن فلسفة أردوغان الاقتصادية تعتبر أن رفع الفائدة سيؤدي إلى كبح عجلات التضخم، بينما كل الاقتصادات تقوم برفع الفائدة أو العائد لخفض التضخم، فأردوغان ابن الأحزاب الإسلامية يتبع الاتجاه الأكثر راديكالية في التعامل مع الفائدة بسبب منافاتها لقواعد الشريعة الإسلامية.

اضطراب المشهد الاقتصادي وما يشكله من ثقلٍ على جيوب المواطنين الأتراك، لم يكن كافياً لمنح المعارضة فرصة للإطاحة برجل الأناضول القوي إلى خارج السلطة، وكان التحالف الوطني المعارض قد وعد -في حال ما إذا ما وصل إلى السلطة- بإحداث قطيعة مع سياسات أردوغان الاقتصادية بسبب معاداة أردوغان لرفع الفائدة، بل وإصراره على تخفيضها المستمر على الرغم من معاناة البلاد من هجمة تضخمية حادة.

فقد وصل سعر كيلوجرام البصل الواحد إلى 30 ليرة -أي نحو دولار ونصف- قبل نحو أسبوعين من انعقاد الانتخابات، يعد البصل مكوناً رئيسياً على موائد الفقراء في تركيا.

تحديات اقتصادية تنتظر أردوغان في الفترة الجديدة

يضع وعد التحالف الوطني المعارض «بالنزول بالتضخم إلى رقم أحادي في غضون عامين» حال وصوله للسلطة، أردوغان أمام تحديات اقتصادية كبيرة، ما قد يفرض عليه تبنى نهج اقتصادي مختلف عن سياسته التي اتبعها ودافع عنها طوال سنوات مكوثه في السلطة.

سيتوجب على أردوغان، ثاني أقوى رجل في تاريخ تركيا الحديث بعد مصطفى كمال أتاتورك، العمل على الصعود بأرقام اقتصاد تركيا في سنوات رئاسته القادمة لتحسين الحياة اليومية للكثير من الأتراك.