كتب بريان فونج من CNN
لم يعد يتفاجأ الأمريكيون من سماع أخبار تبرع المليارديرات السخية. فعلى سبيل المثال أعلن جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون في الآونة الأخيرة لشبكة سي إن إن أنه ينتوي التبرع بمعظم ثروته والتي تقدر بـنحو ١٢٤ مليار دولار خلال حياته. كما أعلن مارك زوكربرج مؤسس ورئيس شركة ميتا عام ٢٠١٥ أنه سيتبرع بأرباحه من ٩٩٪ من إجمالي أسهمه في الشركة.
.
وعلى الرغم من أن أخبارًا كهذه عادة ما تتسبب في لمعة عيون قارئيها إلا أن (تشاك كولنز) يدعونا إلى التريث في الحكم. ويترأس كولنز برنامجًا خاصًا بـ (عدم المساواة) ويشارك في تحرير موقع inequality.org التابع لمعهد دراسات السياسات، كما ألف كتاب (جامعو الثروات: كيف يدفع المليونيرات ملايين ليجنوا تريليونات)، كما شارك في كتابة تقرير معهد دراسات السياسات “العطاء المذهب: كيف يؤدي عدم المساواة في الثروة إلى تشويه العمل الخيري وإعاقة الديمقراطية”.

مع حلول عام ٢٠٢٠، أي بعد ١٠ سنوات من انطلاق المبادرة، لاحظ تشاك كولنز وزملاؤه في معهد دراسات السياسات أنه على عكس المتوقع، تضخمت ثروات المليارديرات المتبرعين بصورة مطردة، ففي الولايات المتحدة فقط تنامت ثروات المليارديرات المتبرعين بمقدار تريليون ونصف التريليون دولار منذ بداية جائحة كورونا، وفقًا لقاعدة بيانات فوربس الخاصة بالمليارديرات!
ومع انحياز الاقتصاد نحو الطبقة الثرية، فنجد أن المتبرعين الملتزمين بتعهداتهم تتضاعف اموالهم بوتيره اسرع.
نتساءل: “وما الضير في ذلك؟”
يشير كولنز الى أنه على الرغم من أن المليارديرات لايزالون يتبرعون بالأموال للجمعيات الخيرية إلا أن معظم تلك المنح الكبيرة يتم التحكم فيها من خلال المتبرع نفسه أو من خلال مؤسسات خيرية عائلية. وتدار٣٠٪ من المنح الكبيرة عن طريق وسطاء والذي يتعدى حجم المنح الموجهة مباشرة نحو الجمعيات الخيرية التقليدية.
أضف الى ذلك أن تلك المنح تعود بالنفع على مانحيها كذلك، فعلاوة على لمعة أعين متابعى عناوين الأخبار، يستطيع المتبرعون التمتع بمزايا تخفيضات ضريبية فقط حين توجه أموالهم للمؤسسات الخيرية التي تدار بواسطة أفراد عائلاتهم. فمن ناحية تلك المؤسسات غير مطالبة سوى بدفع ٥٪ فقط من حجم أصولها سنويا، ويقوم العديد بالإنفاق بنسبة أكبر قليلاً من تلك المحددة. ومن ناحية أخرى، لا تواجه المؤسسات الخيرية العائلية أي مطالبات الزامية بالإنفاق سنويا. ومع صعوبة تتبع نشاطاتها، فتشير بعض التقارير الصادرة حديثاً إلى أن المتوسط السنوي لانفاق تلك المؤسسات منخفض بشكل صادم.
ويقول كولنز”تبرعات المليارديرات هي الضرائب التي ندفعها نحن العاملون…كل دولار يتبرع به الأثرياء ندفع نحن مقابله ما قد يصل إلى ٧٤ سنتًا بسبب ادعاء المتبرعين بأن حجم ثرواتهم وأصولهم انخفض بسبب التبرعات، وما يزيد بشاعة الأمر هو أننا لن نعرف أبدا حجم التبرعات الذي وصل بالفعل للأعمال الخيرية”.
يرى كولنز أنه طالما تعوض ضرائب العاملين النقص في الضرائب الناتجة عن هذه التبرعات، فهناك عدد من الشروط التي يجب أن تُطبق وأولها هو أن تتمتع الأعمال الخيرية بمزيد من الشفافية، وأن تكون هناك مطالبات ملزمة بزيادة حجم الانفاق بشكل أوسع مع ضمان وصول هذه الأموال للمؤسسات الخيرية العاملة بالفعل!
وبالفعل طُبقت العديد من الاصلاحات التشريعية تحت مظلة قانون زيادة كفاءة التبرعات الخيرية خلال 2021، والذي يحظى بدعم من أغلب مجلس الشيوخ وينتظر التصويت للموافقة.
في النهاية، أكد تشاك كولنز أن المنح الخيرية ليست بديلًا عن نظام ضرائب كفء حيث يدفع الأثرياء القيم الضريبية العادلة لتكون تحت تصرف أعضاء الحكومة المنتخبة ديمقراطياً المسؤولة عن تحديد أولويات الاستثمار وليس الاثرياء.