الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد وخلال لقاء خاص مع «CNN الاقتصادية» يكشف عن سجل من الإنجازات والعقبات خلال تطبيقه برنامجه للبلاد بعد مضي عام على توليه مهام منصبه، مؤكداً أن الملف الأمني وقضية خروج القوات الأميركية من البلاد بالإضافة للوضع الاقتصادي ووضع المواطن على رأس أولوياته.

جرت المقابلة في قصر بغداد، الذي بُني في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وكشف لنا الرئيس أن هذا القصر تعرض للقصف خلال الغزو الأميركي عام 2003، وظل غير مستخدم لقرابة 20 عاماً، حتى بدأت الترميمات خلال عهد الرئيس السابق برهم صالح.

وأضاف الرئيس العراقي «بعد 2003 معظم الأماكن الرسمية والقصور كانت مقصوفة من قِبل قوات التحالف، في 2020 بدأت عملية ترميم القصر وعندما خلصت قررنا استعمال هذا القصر، وأول استعمال بعد الترميمات كان لاستقبال بابا الفاتيكان».

وخلال جولتنا في القصر قال الرئيس رشيد إن «التاريخ السياسي للعراق تاريخ معقد وحافل، والحضارة العراقية مشهورة جداً من بداية الحضارات من جميع النواحي القانونية والتاريخية وتطور المجتمع».

وتابع «خلال الخمسين أو الستين عاماً الماضية كان العراق تحت مظلة أنظمة شمولية، وهذه الأنظمة كانت تصوراتها بعيدة عن الديمقراطية وإعطاء حقوق الشعب العراقي».

ولفت إلى أن «الشعب العراقي يختلف عن معظم شعوب العالم، فلدينا كل القوميات والأديان والمذاهب، فكل التجمعات البشرية موجودة في العراق ولذلك تشكيلته ولو كانت معقدة إلا أنها إيجابية للمجتمع».

برنامج الرئيس للعراق

قال الرئيس رشيد «برنامجي بالنسبة للعراق: أول شيء أن نركز على الأمن والاستقرار، فكرت على أساس أنه دون الأمن والاستقرار لن ننجز أي شيء، ورأساً قررنا اختيار رئيس الوزراء وكذلك مجلس الوزراء ومن أول يوم قدموا برنامج الوزارة من أجل الخدمات والبنية التحتية».

واستدرك قائلاً «عملنا على ضمان إجراء انتخابات نزيهة في المستقبل ونهتم بالاقتصاد، فنحن لدينا دون خجل بعض المشكلات في العراق، مثلاً من الناحية الاقتصادية العراق كان مهملاً لفترات طويلة».

وأضاف «كما عانينا من صراعات داخلية وخارجية وحتى حروب مع جيراننا وغزو، ثم احتلال وحصار وأعمال إرهابية وخسرنا ثلث الدولة تقريبا للإرهابيين لفترة وجيزة».

وأكد أن «أكبر تغيير شهده العراق هو الحرية والديمقراطية، يجوز لا نتفق على كل الخطوات لكن الحرية موجودة في الإعلام والتعبير والانتخابات».

الملف الأمني في العراق

ورغم الهجمات الأميركية والإيرانية التي شهدها العراق في الفترة الأخيرة يرى الرئيس رشيد أن الوضع الأمني في العراق جيد وفي تحسن.

وأضاف «أي خرق أمني في العراق له تأثير كبير على المجتمع العراقي، لأن المجتمع العراقي عانى مشكلات في الماضي لفترات طويلة من القصف ومن الإرهاب، وأملي في المستقبل أن نركّز على الأمن والاستقرار في العراق».

وتابع «ركّزنا ومنذ عدة أعوام على ضمان الأمن والاستقرار في العراق، وأنا أعتقد أن وضع العراق من الناحية الأمنية ومن ناحية الاستقرار أفضل بكثير من بعض دول العالم، لكن الانطباع الموجود في الخارج ليس على المستوى المطلوب، لذلك من واجبنا إعطاء الصورة الصحيحة للعراق دون مبالغة»، مشدداً على أن «الحالة الأمنية أفضل بكثير حالياً من السابق، ولا تُقارن بالوضع في عام 2007».

وحققت الحكومة العراقية تقدماً في الأمن الداخلي مؤخراً، وسلّمت الأمن الداخلي في عدد من المحافظات إلى قوات الشرطة بعدما ظلت قوات الجيش توفّر خدمات الأمن للمدن لسنوات.

وتسعى حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لتسليم ملف الأمن داخل المدن إلى وزارة الداخلية خلال عام 2024، وترى بغداد أن عودة الحياة الطبيعية داخل البلاد خطوة ضرورية لجذب الاستثمارات الأجنبية.

الاستثمارات الأجنبية في العراق

الاستثمارات الأجنبية وتنشيط حركة الاقتصاد من أولويات الرئاسة والحكومة العراقية لحل الاختلالات الهيكلية التي عانت منها البلاد لفترات طويلة بسبب الحروب والإرهاب وعدم الاستقرار.

وأشار الرئيس رشيد إلى أن غياب الاستثمارات الأجنبية كان أحد أبرز مشكلات بلاده قائلاً «العراق كان متوقفاً من ناحية الاستثمارات وكان معزولاً، والآن نحن في العراق الجديد نحتاج إلى الدعم الدولي ودعم الدول الصديقة من أجل تشجيع الاستثمارات واستغلال المشاريع الموجودة».

كما أكد أن هناك استثمارات مهمة وكبيرة في العراق.

كانت السعودية قد أعلنت في يونيو الماضي توقيع عقد مع العراق لإنشاء مشروع استثماري ضخم قرب مطار بغداد الدولي قيمته نحو مليار دولار.

وأصر الرئيس العراقي على أن الهجمات الأخيرة التي شهدتها البلاد «ليس لها تأثير على وضع الشركات الأجنبية أو المستثمرين من الخارج»، مؤكداً في الوقت نفسه عدم رضاه عما صار في الفترة الأخيرة.

وشدد على أهمية جذب المزيد من الاستثمارات قائلاً «أنا شخصياً وكذلك بعض المسؤولين الآخرين نجري اتصالات لا تنقطع مع الدول الصديقة ودول الجوار وكذلك الدول الأوروبية من أجل تشجيعها للبدء في الاستثمارات، وقسم منها بدأ، لكن إلى الآن النتائج لم تتضح بعد».

ضمن هذه الدول حسب الرئيس رشيد الإمارات وقطر ودول أوروبية مثل فرنسا في قطاعات مثل الطاقة والكهرباء والزراعة.

وكانت قد أعلنت شركة سيمنز الألمانية توقيع ثلاثة عقود مع العراق لتأهيل ثلاث محطات للطاقة الكهربائية، وهذا في ظل استمرار انقطاعات يومية للكهرباء نتيجة لتهالك البنية التحتية.

وأضاف الرئيس العراقي «لدينا اتفاقيات مع السعودية والإمارات، وكذلك مع قطر والصين ومعظم الدول الصديقة وبعض الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا سواء كانت في قطاع الطاقة أو قطاعات أخرى».

وأكد الرئيس رشيد أن العراق يقدّم «مساعدات كبيرة وتسهيلات ضخمة للمستثمرين لتشجيعهم»، مشيراً «في الوقت نفسه لدينا بعض الروتينيات التي نسعى لعلاجها، وهي مبنية على تشريعات أو قوانين قديمة، وهذه تحتاج إلى قرار من البرلمان أو الحكومة، ونعمل على تحسين وتطوير التشريعات والقوانين».

أزمة المياه في العراق

وفيما يخص أزمة المياه التي يعاني منها العراق، قال الرئيس رشيد «هناك عوامل عديدة لتحسين الموارد المائية للعراق وكذلك التعاون مع دول الجوار لأن مشكلتنا في العراق أن معظم موارده المائية تأتي من الخارج خاصة تركيا وبعدها إيران»، مضيفاً «سياسة دول الجوار لها تأثير كبير على كمية الماء التي نحصل عليها».

وتابع الرئيس العراقي هناك «عوامل طبيعية كالأمطار والثلوج ودرجة الحرارة التي تؤثر على كمية المياه التي نحصل عليها ونوعيتها»، مشيراً إلى أن «العراق هو خامس أكثر دولة معرضة لخطر التغير المناخي».

وقال «إدارتنا للموارد المائية عامل مهم جداً، ومثل ما أشرنا، كان هناك إهمال في جميع النواحي الاقتصادية وكذلك البنية التحتية فقد أهملت إدارة المياه».

وأكد الرئيس العراقي «نحتاج إلى عددٍ كبيرٍ من السدود واستخدام طرق حديثة للري وأن نتعاون لتقليل هدر المياه».

وتأتي نحو 70 في المئة من الموارد المائية للعراق من خارج حدوده، وكشف وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب، في وقتٍ سابق أن نسبة إهدار المياه في العراق تصل إلى نحو 60 في المئة من الماء الصافي المنتج، بسبب شبكات المياه المتهالكة، كما تسببت أزمة المياه في تقلص مساحة الأراضي الزراعية بنحو 50 في المئة، وفقاً لتصريحات مسؤولين عراقيين.