أول 100 يوم لترامب.. هل نجح الاقتصاد الأميركي في الصمود أمام الاضطرابات التجارية؟

ترامب (شترستوك)
أول 100 يوم لترامب.. هل نجح الاقتصاد الأميركي في الصمود أمام الاضطرابات التجارية؟
ترامب (شترستوك)

شهدت الـ100 يوم الأولى من حكم ترامب، العديد من الأحداث الاقتصادية، التي أثرت في أقوى اقتصاد في العالم، لكن بعد مرور هذه الفترة هل نجح الاقتصاد الأميركي في الصمود أمام الاضطرابات التجارية المختلفة؟

على الرغم من هذه الأحدث، أضاف أصحاب العمل وظائف أكثر مما توقعه العديد من الاقتصاديين الشهر الماضي، وظل معدل البطالة المنخفض ثابتاً، ولكن انكمش الاقتصاد الأميركي في الربع الأول، ومع ذلك النتيجة كانت مشوهة بسبب تدفق الواردات الذي عوض قوة الطلب بشكل عام، وارتفع سوق الأسهم بشكل حاد من أدنى مستوياته في أبريل الماضي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

الرسوم الجمركية وارتفاع الأسعار 

حالياً تُهدد اضطرابات حقيقية هذا الأساس المتين في الاقتصاد الأميركي، فسياسات الرئيس ترامب الجمركية المتغيرة باستمرار، والتخفيضات الحكومية، وقيود الهجرة، تعوق التجارة وتُثير قلقاً عميقاً لدى المستهلكين والشركات والمستثمرين. 

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وتُسبب رسوم ترامب الجمركية البالغة 145 في المئة على الواردات الصينية انخفاضاً حاداً في شحنات البضائع من الصين، مما دفع كبار تجار التجزئة إلى التحذير من ارتفاع محتمل في الأسعار؛ بل وحتى نقص في بعض السلع. 

وفي أوائل أبريل، توقع الاقتصاديون أن يكون احتمال حدوث ركود اقتصادي في العام المقبل ضعف ما كان عليه في بداية العام، ولكن في الوقت الحالي، لا تزال الأمور تبدو جيدة بشكل مدهش.

وقال كوري ستال، الخبير الاقتصادي في إنديد هايرينج لاب: «لشهر آخر، لم تُبرر البيانات الفعلية الصادرة عن تقرير الوظائف الأميركي الرئيسي المشاعر السلبية والقلق الذي سبقه». 

وأضاف: «خلافاً لمعظم التوقعات، حافظ سوق العمل الأميركي على قوته في أبريل، ويبدو أنه محصن ضد تزايد حالة عدم اليقين والتقلبات المرتبطة بالرسوم الجمركية».

ومع ذلك ظلّ معدل خلق فرص العمل مستقراً، حيث أضاف الاقتصاد 155 ألف وظيفة في المتوسط ​​خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو أقلّ بقليل من متوسط ​​الزيادة الشهرية لعام 2024، والبالغ 168 ألف وظيفة. 

وتباطأ التوظيف، لكن الشركات لا تزال مترددة في تسريح العمال حتى الآن، ولا يزال مستوى طلبات إعانة البطالة الأولية منخفضاً.

وانكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، بنسبة سنوية بلغت 0.3 في المئة، يُعزى بشكل رئيسي إلى تهافت المستوردين على استيراد البضائع إلى الولايات المتحدة قبل فرض الرسوم الجمركية؛ فإن الطلب ظل قوياً. 

وتباطأ إنفاق المستهلكين، وهو المصدر الأكبر للطلب في الاقتصاد، إلى أدنى وتيرة له منذ منتصف عام 2023، لكنه مع ذلك نما بمعدل 1.8 في المئة مقارنة بالربع السابق، وانخفض الإنفاق الحكومي الفيدرالي، مدفوعاً بانخفاض المشتريات المرتبطة بالجيش، لكن الإنفاق التجاري كان قوياً.

هل يكون تخفيض الفائدة هو الحل؟

وفي ظل تباطؤ البيانات الاقتصادية، تراجعت توقعات المستثمرين بشأن موعد خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. 

وتشير العقود الآجلة لأسعار الفائدة الآن إلى أن احتمالية خفض صانعي السياسات في الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بحلول اجتماعهم في يونيو تقل قليلاً عن 40 في المئة، مقارنة بنحو 70 في المئة قبل شهر، ومن شبه المؤكد أن الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأسبوع المقبل.

ومع ذلك، تدفع المخاوف بشأن الرسوم الجمركية والأمن الوظيفي واحتمالية ارتفاع الأسعار بعض الأميركيين إلى تقليص نفقاتهم. 

وأعلنت شركتا الخطوط الجوية الأميركية ودلتا إيرلاينز عن تراجع في رحلات السفر الترفيهية الداخلية، مع تقليص المسافرين الأكثر حساسية للأسعار رحلاتهم على وجه الخصوص. 

وأفادت شركة بروكتر آند غامبل، الشركة المصنعة لمنتجات بامبرز، وشركة تشيرش آند دوايت، الشركة المصنعة لمنتجات أوكسي كلين، بتباطؤ نمو المبيعات في الولايات المتحدة في الربع الأول. 

وشهدت سلاسل المطاعم، بما في ذلك شيبوتلي مكسيكان جريل وستاربكس، تباطؤاً في مبيعاتها في الولايات المتحدة، وأعلنت ماكدونالدز أن مبيعاتها في الربع الأول في فروعها الأميركية التي ظلت مفتوحة لأكثر من عام انخفضت بنسبة 3.6 في المئة مقارنة بالعام السابق.

وقال كريستوفر كيمبزينسكي الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز في مكالمة بشأن الأرباح: «المستهلكون من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، على وجه الخصوص، يثقل كاهلهم التأثير التراكمي للتضخم والقلق المتزايد بشأن التوقعات الاقتصادية».

تخفيض أرباح الشركات الكبرى

ودفع عدم اليقين بشأن سياسات ترامب العديد من الشركات الكبرى إلى خفض توقعات أرباحها لهذا العام، وتكثيف خفض التكاليف. 

وأعلنت شركة جنرال موتورز هذا الأسبوع، أن الرسوم الجمركية ستمحو ما يصل إلى ربع صافي أرباحها هذا العام. 

وحذّرت شركة أبل من أن خطط الرسوم الجمركية الحالية ستضيف 900 مليون دولار إلى التكاليف هذا الربع، وقالت إن هذا الرقم قابل للزيادة.

وبدون موارد نظيراتها الأكبر، قد تواجه الشركات الصغيرة صعوبات بالغة في ظل ندرة السلع أو ارتفاع تكلفتها، وفقاً لقلق تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة أبولو جلوبال مانجمنت.

 وأضاف: «الإحصائية المهمة في هذا السياق هي أن 80 في المئة من الوظائف في الاقتصاد الأميركي موجودة في شركات يقل عدد موظفيها عن 500 عامل».

وتُشير استطلاعات رأي المستهلكين والشركات إلى تفاؤلٍ مُبكر، بينما مؤشر ثقة المستهلك انخفض إلى أدنى مستوى له الشهر الماضي منذ مايو 2020، بعد فترة وجيزة من تفشي الجائحة. 

ويشعر الناس بقلقٍ بالغ إزاء سوق العمل، حيث توقع 65 في المئة من الأميركيين الذين شملهم استطلاع أجرته جامعة ميشيغان الشهر الماضي ارتفاع معدل البطالة خلال العام المقبل، وتُظهر استطلاعات رأي شركات التصنيع والخدمات التي أجرتها بنوك الاحتياطي الفيدرالي الإقليمية أن الشركات تتوقع كبح جماح الإنفاق الرأسمالي.

ومع تولي ترامب منصبه، قال مارك دينزلر، الرئيس التنفيذي لجمعية مصنعي إلينوي، إن العديد من المصنّعين كانوا في البداية أكثر جرأةً أو تفاؤلاً، مع إمكانية إجراء إصلاحات ضريبية، وتصاريح، وإصلاحات تنظيمية، بالإضافة إلى اقتصاد كان يتمتع بحالة جيدة آنذاك، معلقاً: «ثم جاءت قضية الرسوم الجمركية، وأثارت حالة من عدم اليقين».

معاناة الصناعة وتراجع السياحة

أيضاً يُعاني العديد من المصنّعين من شلل مماثل، حيث صرّح معهد إدارة التوريد بانكماش نشاط التصنيع للشهر الثاني على التوالي في أبريل، في الوقت الذي أفادت الشركات بتأثرها الشديد بالرسوم الجمركية.

وتأثرت أيضاً التدابير المتعلقة بالسياحة، فقد انخفض عدد زوار لاس فيغاس بنسبة 7.8 في المئة في مارس مقارنةً بالعام السابق، وفقاً لهيئة مؤتمرات وزوار لاس فيغاس.

ويقاطع الكنديون، الذين لطالما كانوا المصدر الرئيسي للزوار الدوليين إلى الولايات المتحدة، العطلات الأميركية احتجاجاً على تهديدات ترامب لسيادتهم، كما انخفض عدد المسافرين من أوروبا إلى الولايات المتحدة.

وتشير قراءة أولية لمبيعات التجزئة الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو إلى تباطؤ الإنفاق الشهر الماضي عقب موجة من التباطؤ قبل فرض الرسوم الجمركية. 

واستناداً إلى مقاييس تشمل حركة المشاة ومعاملات البطاقات، انخفضت مبيعات التجزئة، باستثناء السيارات، بنسبة 0.5 في المئة مُعدّلة حسب التضخم في أبريل مقارنةً بالشهر السابق، بعد ارتفاعها بنسبة 1 في المئة في مارس الماضي.

وتصاعدت المخاوف من الركود بشكل حاد منذ مطلع الشهر الماضي، حيث توقع اقتصاديون، استطلعت صحيفة «وول ستريت جورنال» آراءهم، احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي خلال العام المقبل بنسبة 45 في المئة، مقابل 22 في المئة في يناير. 

وانتهى الاستطلاع في 8 أبريل الماضي، أي قبل يوم من تعليق ترامب لبعض الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، مع زيادة الرسوم الجمركية على الصين.

وهذه الاحتمالات ليست عالية كما توقعها الاقتصاديون في أكتوبر 2022، وهي نسبة 63 في المئة، وهو توقع لم يتحقق، لكن مايك فيرولي، الخبير الاقتصادي في بنك جي بي مورغان تشيس، يعتقد أن الاقتصاد في خطر أكبر الآن، وأن العديد من الاقتصاديين قلقون من أن يخطئوا في توقعاتهم بشأن ركود آخر.