البنية التحتية الصناعية.. ما لها وما عليها

في قلب حرب رسوم جمركية عالمية، تقف الصناعة أمام لحظة حاسمة, فالجميع بات يبحث عن سبل لتعزيز الصناعات المحلية وتبنّي فلسفة إنتاج كاملة من المادة الخام حتى التصنيع وصولاً إلى التصدير.

وفي عالم تُعاد فيه صياغة سلاسل الإمداد بهذه الكيفية ويبرز الذكاء الاصطناعي كمستقبل حاسم للبشرية، مستحوذاً على الحصة الأكبر من استهلاك الطاقة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

فإن الموقع الجغرافي واليد العاملة الرخيصة  وحدهما  ليسا كافيين لضمان الاستقرار الصناعي، بل يُعاد التفكير اليوم في البنية التحتية فائقة التقدم، وسهولة ممارسة الأعمال ومصادر الطاقة المتنوعة باعتبارها حجر أساس لكل هذا.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

فالشركات تقف الآن أمام تحول جذري يحتم عليها إعادة بناء سلاسل إنتاجها عالمياً، باحثة عن مكان يجعلها قادرة على تلبية الطلب واختراق الأسواق المختلفة دون أي عوائق.

في هذا السياق، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة، التي توفر بيئة صناعية جاذبة، تقدم حلولاً تجمع بين الاستدامة والكفاءة والمرونة، حيث تتيح للمستثمرين بيئة مثالية لتأسيس مشاريعهم الصناعية، مع امتيازات خاصة مثل الملكية الكاملة، ونظم تشغيل ذكية تواكب تطورات الثورة الصناعية الرابعة.

دولة الإمارات توفر ما يزيد على 40 منطقة حرة متعددة التخصصات تنتشر في أنحاء البلاد، وبنية تحتية متكاملة من شبكات طاقة متنوعة تشمل الطاقة الشمسية والنووية إلى جانب مصادر الطاقة التقليدية.

فضلاً عن بيئة تشريعية مرنة ومحفزة للمستثمرين، إذ يستغرق تأسيس شركة في دولة الإمارات نحو 4 أيام من خلال دائرة التنمية الاقتصادية أو 15 دقيقة فقط عبر المنصات الإلكترونية.

في المقابل تستغرق هذه العملية 10 أيام في البلدان ذات الدخل المرتفع بحسب البنك الدولي.

لكن قصة الإمارات مع الصناعة لا تتوقف عند هذا الحد فحسب، بل تمتد إلى قطاع لوجيستي عالي الكفاءة، إذ تمتلك 12 ميناء تجارياً، بخلاف موانئ النفط، وتضم 310 أرصفة، بحمولة بضائع تبلغ 80 مليون طن.

ووفقاً لمجلس الشحن العالمي، يوجد اثنان من أكبر 50 ميناء للحاويات في العالم بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وبحسب بيانات حكومية فإن 61% من البضائع المتجهة إلى دول مجلس التعاون الخليجي تمر عبر موانئ الإمارات البحرية.


حكومة دولة الإمارات عملت خلال السنوات الماضية على إعادة تعريف مستقبل التصنيع، من خلال استراتيجية «عملية 300 مليار» التي أطلقت في عام 2021، والهادفة إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031.

هذه الاستراتيجية تعتمد على رؤية متكاملة لدى وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، لتطوير القطاع الصناعي، وتعزيز القيمة الوطنية المضافة لقطاع الصناعة، وتحويل الإمارات إلى مركز إقليمي وعالمي لصناعات المستقبل، وتعزيز الصادرات الإماراتية إلى الأسواق العالمية.

الاستراتيجية تستند إلى شراكات استراتيجية واسعة، وتركز على تجميع وتوقع الطلب الصناعي، لتمكين فرص توطين المنتجات وتعزيز الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية.

وفي أقل من عام، بلغت قيمة العقود أكثر من 110 مليارات درهم شملت أكثر من 300 منتج.

وفي عام 2023، ارتفعت القيمة إلى 120 مليار درهم تغطي 1400 منتج، مع تحقيق قيمة توطين تجاوزت 31 مليار درهم، وقيمة إضافية للطلب فاقت 10 مليارات درهم عن العام السابق.

قطاع الصناعة في الإمارات اليوم يمتد عبر 12 قطاعاً رئيسياً، يشمل:

الطاقة والصناعات الميكانيكية والإلكترونيات والصناعات الثقيلة والصناعات الدوائية والدفاع والبتروكيماويات والمعدات الطبية والطيران والغذاء والتكنولوجيا الزراعية، ومواد البناء، وأنظمة الاتصالات، والبيانات.

الإمارات لم تكتفِ بأن تكون مركزاً مالياً إقليمياً بمنطقة الشرق الأوسط، بل منصة صناعية وتصديرية للعالم، إذ صدرت وحدها 41% من إجمالي الصادرات السلعية في الشرق الأوسط خلال عام 2024.

فيما بلغ حجم التجارة الخارجية للإمارات 5.23 تريليون درهم في 2024 مع فائض تجاري تجاوز 490 مليار درهم، لتصبح في المرتبة الـ11 عالمياً في صادرات السلع والـ13 عالمياً في صادرات الخدمات، بحسب تقرير منظمة التجارة العالمية «آفاق وإحصاءات التجارة العالمية».

لهذا ففي قلب المصانع، لم يعد العامل البشري وحده من يحرك خطوط الإنتاج، فاليوم، تتحرك الأذرع الروبوتية بانسيابية، وتحلل الخوارزميات البيانات في الزمن الحقيقي، وتتخذ القرارات بدقة خاضعة لمنطق الذكاء الاصطناعي. وكل هذا يحتاج إلى مزج فريد بين البنية التحتية المتطورة، والطاقة المستدامة، والتكنولوجيا الذكية، وهي متطلبات لا تتوفر إلا في مناطق محددة بالعالم ومن بينها دولة الإمارات.