تشكل الشركات العائلية العمود الفقري للاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط والخليج تحديداً، إذ تقدر الأصول المدارة من قبلها بنحو تريليون دولار، وفق آخر الأرقام المنشورة من قبل مركز دبي المالي العالمي.

وتشكل الشركات العائلية ما نسبته 90 في المئة من اقتصاد القطاع الخاص في دول الخليج، بحسب مجلس الشركات العائلية الخليجية الذي يعتبر الأول من نوعه في منطقة الخليج.

وتسهم هذه المؤسسات بما نسبته 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تمثل 80 في المئة من التوظيفات للأيدي العاملة، وفق المصدر نفسه.

وأورد مؤشر أعمال الشركات العائلية من شركة «إيرنست أند يونغ» أن 50.4 في المئة من الشركات المشاركة بالمؤشر توجد في أوروبا والشرق الأوسط والهند وإفريقيا، ويصل حجم عائداتها إلى 3.46 تريليون دولار.

ويقول عبدالعزيز الغرير -رئيس مجلس إدارة غرف دبي وأحد أعمدة الشركات العائلية- في حديث لمنصة «CNN الاقتصادية» إن «الشركات العائلية هي ركيزة أساسية للاقتصاد، بدأت متواضعة وأصبحت اليوم عملاقة، وقد شارف معظمها على بلوغ مرحلة الانتقال من المؤسس إلى الجيل الثاني».

وألمح الغرير إلى أن الكثير من الشركات تتعثر في هذا الانتقال بسبب عدم استعدادها للتحول من جيل إلى جيل.

وأشار استطلاع أجرته «بي دبليو سي» (برايس ووتر هاوس كوبرز) في الشرق الأوسط حول الشركات العائلية عام 2021 إلى «ارتفاع حالات النزاعات العائلية في السنوات الأخيرة، وبلوغ الشركات أعتاب مرحلة حرجة في الخلافة، لا سيما أن الجيل القادم من العائلة يمثل مساهمة الأغلبية في 56 في المئة من الشركات المستطلعة، ويعتقد 42 في المئة منهم أن هذا هو الحال خلال فترة السنوات الخمس المقبلة».

ويقول طارق الحجيري، الرئيس التنفيذي لمركز العائلات والثروات الخاصة في مركز دبي المالي العالمي لـ«CNN الاقتصادية» إن «الشركة العائلية هي شركة حساسة مملوكة من العائلة، وتحتاج إلى رعاية خاصة، وهناك وعي بسيط حول أهمية ترتيب الانتقال السلس للإدارة والملكية».

مبادرات إماراتية

وتجسدت هذه الرعاية بحزمة من المبادرات أطلقتها دولة الإمارات منتصف العام الماضي كانت بدايتها مع إقرار القانون الاتحادي الخاص بالشركات العائلية.

وألحقت الحكومة الإماراتية هذه الإجراءات بإنشاء مركزين للشركات العائلية، الأول مركز الشركات العائلية والثروات الخاصة في مركز دبي المالي العالمي، ومركز خاص للعائلات لدى غرف تجارة دبي.

كما يجري التحضير كذلك لإدراج العائلات في سجلات خاصة، إذ توحد جميعها في سجل خاص للشركات العائلية على المستوى الاتحادي.

مرونة ودمج عالمي

وأكد عبدالعزيز الغرير في حديثه أن مركز الشركات العائلية يهتم بنشر الوعي عند المؤسس حول أهمية الحوكمة والتسجيل القانوني للشركة وإدخال العنصر النسائي كعنصر فاعل في إدارة الشركة وأخذ القرارات لتوجيه الشركة والمحافظة عليها.

ويتكامل مركز الشركات العائلية في غرفة دبي مع نظيره لدى مركز دبي المالي العالمي من حيث توفير المرونة والتدريبات المطلوبة للشركات لتطبيق الحوكمة واستمرارية النمو.

وأكد الحجيري هذه المرونة والتكامل، مضيفاً أن المركز الذي استقطب نحو 400 شركة عائلية إماراتية وأجنبية يثير اهتمام الكثير من أصحاب الثروات على الصعيد العالمي، وأنه استطاع استقطاب شركات بحجم أعمال يضاهي المئة مليار دولار، نظراً لما يوفره من خدمات متكاملة.

الحوكمة والوكالة

تشكل مسألة الحوكمة وفصل الإدارة عن الملكية أحد الموضوعات الأساسية لضمان ديمومة الشركات العائلية.

وفي هذا الصدد، شدد الغرير على أن قانون العائلات الجديد أعطى «صلاحية كبيرة لدور المؤسس في كثير من الشروط والنظام الداخلي للشركة، الذي يجب أن يُصاغ بمشاركة الجيل الثاني بوضوح تام يتضمن تسمية من سيتولى إدارة الشركة، والفصل بين الملكية والإدارة، واتخاذ القرارات بشأن التحول لشركات مساهمة عامة أو الإبقاء عليها كشركات خاصة».

وانسجاماً مع تعزيز الحوار بين أفراد العائلة وإدراج مفاهيم الحوكمة في عمل الشركة، قال الحجيري إن «المركز قدّم خدمات التصنيف والاعتماد التي تتم بناء على مدى التزام الشركة في الحوكمة، وهذا الأمر سيسهل عملية دمج الشركات العائلية في الاقتصاد العالمي».

العنوان المستقبلي للتأثير

من جهتها، تساءلت مايا برابو -المدير الإداري ورئيسة قسم استشارات الثروات في أوروبا والشرق الأوسط في مصرف «جي بي مورغان»- عن مغزى الثروات العائلية ما لم يتم «استثمارها في الحوكمة والأعمال الخيرية والاستثمار المستدام والمؤثر».

وأضافت برابو أن «نحو 28 في المئة من الأجيال القديمة للشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط تريد تحفيز الأجيال الشابة منها لمزيد من الانخراط في الأعمال العائلية وتهيئتهم لذلك».

ورأت أن التلاقي في الوسط والحوار هما من أنجع الأساليب لتحقيق الأهداف المنشودة.