بعد انهيار بنك « سيليكون فالي» والخسارة الكبيرة التي تكبدها أصحاب الشركات الناشئة، السؤال الذي يدور في أذهان الأميركيين هو: هل أموالي بأمان؟
ما الذي جرى؟
وضعت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) يدها على بنك «سيليكون فالي» في العاشر من مارس آذار، بعد مواجهته مشكلات جدية في السيولة والملاءة، ليكون ذلك ثاني أكبر تعثر مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة.
ولإصلاح الوضع، أمَّنت المؤسسة للمودعين إمكانية سحب أموالهم من البنك إذا لم تتعدَّ 250 ألف دولار أميركي، ولكن العديد من الشركات الكبرى التي تعاملت مع بنك «سيليكون فالي» كانت لديها ودائع تفوق هذا المبلغ بكثير.
فوفق تقرير بنك «سيليكون فالي» السنوي، تبلغ ودائع العملاء الأميركيين غير المؤمن عليها ما لا يقل عن 151.5 مليار دولار، وذلك بحلول نهاية عام 2022، أمّا الودائع الأجنبية، فبلغت نحو 13.9 مليار دولار، وهي أيضاً غير مؤمنة.
لذلك، وقبل افتتاح الأسواق هذا الأسبوع اتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خطوة غير عادية ضمنت فيها حصول عملاء البنك على جميع أموالهم بما فيها الودائع غير المؤمنة بدءاً من يوم الاثنين.
هل على الأميركيين القلق على أموالهم المودعة في البنك؟
باختصار، إذا كان لديهم أقل من 250 ألف دولار في حسابهم، فلا داعي للقلق، وذلك لأن حكومة الولايات المتحدة تؤمن على أول 250 ألف دولار في الحسابات المؤهلة.
هل سحب الأموال أكثر أماناً؟
قال جاي هاتفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة «Infrastructure Capital»، إنه ليس من المنطقي سحب كل أموالك من أحد البنوك، ولكن يجب التأكد من أن البنك مؤمن عليه من «المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع».
وقال هاتفيلد «لا أعتقد أن هناك داعياً للذعر، لكن من الحكمة أن يكون لديك ودائع مؤمنة مقابل ودائع غير مؤمنة».
بشكل عام، من غير المرجح أن يتأثر المستهلكون بما يجري مع بنك «سيليكون فالي»، ولكن يجب أن يكونوا متيقظين حول البنك الذي يودعون فيه أموالهم وألا يضعوها في بنك واحد فقط.
وقال المحلل الاقتصادي ماثيو غولدبيرغ: «يشكل أول تعثر مصرفي منذ عام 2020 دعوة للناس للتيقظ والتأكد دائماً أن أموالهم مودعة في بنك مؤمن عليه من قبل «المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع»، وأهمية اتباع قواعدها».
لدى «المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع» موارد مختلفة، وتوفر قائمة بالمؤسسات المصرفية المؤمنة من قبل الشركة.
وكانت نصيحة غولدبيرغ للأشخاص الذين يملكون مليون دولار أو أكثر، توزيع المبلغ بين أربعة حسابات مصرفية مختلفة مؤمنة.
هل يتكرر مشهد أزمة عام 2008 المالية؟
من الناحية النظرية، يجب أن يكون القطاع المصرفي أكثر استقراراً بسبب الإصلاحات التنظيمية التي وُضعت بعد الأزمة في عام 2008.
ولكن أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى تراجع قيمة السندات التي استثمر بها «سيليكون فالي» وبنوك أخرى منذ سنوات.
وباع «سيليكون فالي» سنداته المالية بخسارة فادحة لتأمين السيولة الضرورية لعمليات سحب الودائع من قبل العملاء.
وتسعى الحكومة لاستيعاب أزمة انهيار بنك «سيليكون فالي» ليستقر القطاع بعد أسبوع فوضوي.
وقال «الاحتياطي الفيدرالي» إنه سيقدم قروضاً بنكية لمدة تصل إلى عام مقابل سندات الخزانة الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري التي فقدت قيمتها.
كما سيلتزم «الاحتياطي الفيدرالي» بالقيمة الأصلية للديون مع البنوك التي تأخذ القروض.
ستوفر وزارة الخزانة أيضاً حماية ائتمانية بقيمة 25 مليار دولار لضمان عدم خسائر البنوك، والتي من شأنها أن تساعد البنوك في الوصول بسهولة إلى الأموال النقدية عندما تكون بحاجة إليها.
هل تستطيع الحكومة الفيدرالية الأميركية احتواء الذعر؟
حاولت الحكومة الأميركية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي تجنب توسع وامتداد الأزمة التي من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من التهافت على البنوك.
ورأى الخبير الاقتصادي ريتشارد دنكان أن الحد من امتداد حال الذعر إلى المصارف يسهم في حل العديد من المشكلات، على الأقل في المدى القصير.
وقال «إن الذعر المصرفي ستكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد الأميركي».
يعد «سيليكون فالي» من بين أكبر 20 بنكاً تجارياً أميركياً، إذ بلغ إجمالي أصوله 209 مليارات دولار في نهاية العام الماضي، وقدم التمويل لنحو نصف شركات التكنولوجيا والرعاية الصحية المدعومة من الولايات المتحدة.
ووفقاً للمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، كل بنك لديه خسائر في أوراقه المالية والودائع غير المؤمن عليها، فقد سجلت البنوك الأميركية خسائر غير محققة بنحو 620 مليار دولار (الأصول التي انخفضت أسعارها، ولكن لم يتم بيعها بعد) في نهاية عام 2022.
«على الرغم من ذلك لا داعي للذعر»، بحسب ما قاله دنكان.
وقال لوك بلوفييه، مدير المحفظة الاستثمارية في «Van Lanschot Kempen»، وهي شركة هولندية لإدارة الثروات، «إن هبوط أسعار السندات يمثل مشكلة حقيقية فقط في حال غرق الميزانية العمومية بسرعة كبيرة عندها يتوجب بيع الأصول التي لا تكون عادةً مجبراً على بيعها».
وأكد أن معظم البنوك الأميركية الكبيرة في حال مالية جيدة ولن تجد نفسها في موقف تضطر فيه إلى تكبد خسائر في السندات.