رغم كل التقدم والحداثة والتنمية الذي وصلت إليه البشرية اليوم، فإن عدّاد الجوع لا يزال يسابق الزمن ليسجل هذا العام نحو 828 مليون جائع حول العالم.

«إنقاذ الأرواح، تغيير الحياة» هو شعار «برنامج الأغذية العالمي» التابع لـ«منظمة الأمم المتحدة» والذي يصادف هذا العام عامه الستين.

ويقدر البرنامج حاجته التمويلية بقيمة 23 مليار دولار لتوفير حصص غذائية كاملة لنحو 150 مليون شخص يعانون الجوع حول العالم.

لكن.. ماذا لو لم يتوفر للبرنامج التمويل اللازم؟

هذا السؤال، طرحته كورين فلايشر، المديرة الإقليمية لـ«برنامج الأغذية العالمي» في الشرق الوسط وشمال إفريقيا وشرق أوروبا، التي أبدت مخاوفها حيال 345 مليون شخص معرضين لانعدام الاستقرار الغذائي هذا العام.

وقالت فلايشر «إن البرنامج سيضطر إلى اقتطاع الحصص الغذائية في كل من سوريا واليمن ما لم تتوفر الأموال المطلوبة لذلك قبل يوليو تموز المقبل».

وتعاني سوريا تبعات حرب دامت 12 عاماً، تحتاج اليوم إلى نحو 1.3 مليار دولار للحصول على إمدادات الحصص الكاملة.

أما اليمن ينقصها 3 مليارات دولار لإطعام 12.9 مليون شخص.

هذا وكان البرنامج قد رفع ميزانيته بنحو 40 في المئة لتصل إلى 146 مليار دولار.

نزاعات وأزمات

تعزو فلايشر ارتفاع ميزانية البرنامج إلى أسباب عديدة، أهمها آثار حرب أوكرانيا والكوارث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي والانكماش الاقتصادي والتقلبات في سعر صرف العملات المحلية في الدول النامية.

وانعكس النقص في سلاسل التوريد والتضخم بزيادة ملحوظة في أسعار المواد الغذائية وتكلفة الشحن التي تضاعفت 4 مرات، على حد قولها.

وتتجه أنظار البرنامج اليوم إلى تكثيف التعاون مع القطاع الخاص والمبادرات الحكومية لخلق نوع من التكامل والاستدامة في الحلول المقدمة لمعالجة أزمة الجوع، ومن بين هذه المبادرات ما تقوم به مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.

وقالت سارة النعيمي مدير مكتب مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، على هامش لقاء صحفي، إن مستلزمات الاستدامة لمعالجة الجوع وتحقيق الأمن الغذائي تستدعي دعم المشاريع الزراعية والمزارعين.

وأضافت أن الإمارات استطاعت تقليل حجم الطعام المهدر بنحو 50 في المئة، إذ يتم توزيع كميات الطعام على المحتاجين أو إعادة معالجتها لاستخدامها كوقود حيوي.

دور التكنولوجيا

وتلعب التكنولوجيا دوراً متنامياً في الحد من الهدر في الطعام أو في عمليات توزيع الحصص الغذائية.

ولفتت فلايشر في هذا السياق إلى نجاح تجربة استخدام تقنيات حديثة للتعقب الفوري لعمليات توزيع الحصص الغذائية والتي طُبّقت مؤخراً في أوكرانيا، فتجميع هذه البيانات في مركز موحد يساعد في ضبط عامل الازدواجية في مسار توزيع الحصص الغذائية.

كما أن الانتقال إلى توفير بطاقات ذكية، عوضاً عن الاستلام العيني للحصص الغذائية، أفسح المجال لتجميع بيانات أكثر حول احتياجات الأكثر فقراً، الأمر الذي سيؤدي إلى توثيق التعاون مع القطاع الخاص والضغط للوصول إلى سعر منخفض للبضائع التي يحتاجها الأكثر عوزاً في مراكز البيع.

وشددت فلايشر على أن «الهدف الأسمى يبقى دعم الأكثر عوزاً من خلال برامج مشتركة مع القطاعَين الخاص والعام لتحقيق مداخيل مستقلة ومستدامة».