«اختبارات عسيرة وتوقعات متشائمة».. هكذا يمكن تلخيص ما ينتظره الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة، وفقاً لما كشفت عنه المناقشات خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين على مدار أسبوع.
عاد صندوق النقد الدولي ليُطلق التحذيرات بشأن المشكلات التي تحيط بالاقتصاد العالمي من تسارع التضخم وتزايد أسعار الفائدة إلى تداعيات الضغوط الحالية في القطاع المالي، وتنامي الديون السيادية.
ظهرت توقعات صندوق النقد متشائمة بعض الشيء في ظل تزايد التوترات الحالية بشأن إمكانية تدهور القطاع المالي.
وحاول الصندوق بث بعض التطمينات، إلا أن لغته القلقة كانت محط المناقشات والتقارير التي أصدرها على مدار أسبوع.
نمو مُؤجّج
يضع «صندوق النقد» الدولي احتمالين لنمو اقتصاد العالم في العام الجاري، والأمر يتوقف على احتواء ضغوط القطاع المالي الحالية من عدمها.
خفّض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2023 إلى 2.8 في المئة مقارنة بـ2.9 في المئة في تقديرات يناير كانون الثاني الماضي، هذا في حال انتهت العراقيل بشأن النظام المالي.
أما في حال استمرت هذه المشكلات، فسيكون الاقتصاد العالمي على موعد مع نمو يبلغ 2.5 في المئة، وهو أضعف نمو منذ الانكماش العالمي في عام 2001، باستثناء أزمة كوفيد-19 في 2020 وأثناء الأزمة المالية العالمية في عام 2009.
«تعكس هذه التوقعات سياسات التشديد النقدي اللازمة لخفض التضخم، وتداعيات التدهور الأخير في الأوضاع المالية، و الحرب في أوكرانيا»، حسبما يقول الصندوق.
وتبدو عودة الاقتصاد العالمي إلى وتيرة النمو التي سادت قبل صدمات الأعوام الماضية والاضطرابات الأخيرة في القطاع المالي، بعيدة المنال بشكلٍ متزايد، وفقاً للصندوق.
ويُضيف «بالنظر إلى عام 2028، من المتوقع أن يصل النمو العالمي إلى ثلاثة في المئة وهو أدنى توقع نمو للأجل المتوسط في جميع تقارير الصندوق منذ عام 1990، في حين بلغت توقعات النمو متوسط الأجل 4.9 في المئة في 2008 أثناء الأزمة المالية العالمية».
التضخم على المحك
يرجّح الصندوق أن ينخفض التضخم العالمي إلى سبعة في المئة خلال العام الجاري من 8.7 في المئة في 2022، بعد انخفاض أسعار السلع الأساسية.
لكن الاستمرار في خفض التضخم قد يكون على المحك في ظل ضغوط متصاعدة على النظام المالي العالمي، إذ يشير الصندوق إلى أنه في حالة تفاقم الضغوط في ظل ارتفاع التضخم، قد تنشأ مفاضلة بين أهداف التضخم والاستقرار المالي.
يحث الصندوق البنوك المركزية على الإفصاح بوضوح عن أهدافها وأغراض سياستها النقدية لتجنب إثارة حالة من عدم اليقين دون داعٍ.
ويقول إن «السؤال الأساسي الآن هو ما إذا كانت الأحداث الأخيرة تنذر بالمزيد من الضغوط التي ستختبر صلابة النظام المالي العالمي أمْ أنها مجرد انعكاس فردي للتحديات الناجمة عن تشديد الأوضاع النقدية والمالية بعد أكثر من عشرة أعوام من وفرة السيولة».
أزمة ديون في إفريقيا
خصص الصندوق اجتماعاً للدول الإفريقية لمناقشة أزمة تنامي الديون السيادية في القارة، بالاشتراك مع البنك الدولي ومجموعة العشرين.
وقال الصندوق إن تأثير الأزمات المتعددة وتباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض سعر الصرف عوامل تؤدي إلى زيادة العجز المالي في العديد من بلدان القارة وتزيد من تفاقم نقاط الضعف الموجودة.
أصبحت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي الآن في المتوسط داخل القارة أعلى من 60 في المئة، وهو مستوى لم يشاهد منذ بداية القرن الحالي، ما أثار مخاوف بشأن القدرة على تحمل الديون في العديد من البلدان، وفقًا للصندوق.
تعهد الصندوق بالعمل لجعل تسوية الديون أكثر كفاءة، داعياً إلى تعزيز الحماية الاجتماعية في دول القارة، إذ يمكن لشبكات الأمان الاجتماعي أن تعزز النمو.